للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلام (١) والغزالي ومثَّل به للمصلحة المرسلة فقال: «وكذلك نقول في المستظهر بشوكته المستولي على الناس المطاع فيما بينهم، وقد شغر الزمان عن مستجمع لشرائط الإمامة ينفذ أمره لأن ذلك يجر فساداً عظيماً لو لم نَقُلْ به» (٢).

٤ - الحاجة لتصحيح الخلافة الأموية بالأندلس والخلافة الفاطمية ببلاد المغرب والديار المصرية، مع قيام الخلافة العباسية بالعراق وانسحابها على سائر الأقطار والبلدان، كما قال الإسفراييني والجويني (٣)، ومعلوم أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة، وخاصة إذا كانت عامة كما في موضوع الخلافة.

[من له حق تقدير الضرورة]

الضرورة من الأمور الاجتهادية، فمنها ما هو متصل بأمور الجماعة، ومنها ما هو متعلق بخصوصيات الأفراد؛ أما ما كان متصلاً بأمور الجماعة والمجتمع فهو مسؤولية الحاكم الشرعي صاحب السلطة التنفيذية في البلاد. فتوقيف تنفيذ حد السرقة لمدة معينة الذي كان ضرورياً بسبب المجاعة كان من شأن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، أما ما كان متصلاً بخصوصيات الأفراد فتقديره موكول إلى دياناتهم، يحكمون فيها ضمائرهم؛ بحيث تتفق ممارستهم مع أحكام الشريعة، في غير خدعة ولا تضليل، فالله سبحانه مطلع على سرائرهم وحقيقة نواياهم؛ إذ الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، وهي مما يستفتي فيها المرء نفسه، وإن أفتاه المفتون وأفتوه (٤).

[أحكام الضرورة]

١ - انتفاء الإثم عن المضطر، أي رفع العقوبة عنه في الآخرة وعدم توجيه اللوم له في الدنيا، وخلص الفقهاء في هذا إلى قاعدة (لا إثم مع الضرورة) (٥).

٢ - الأخذ بالرخصة التي أباحتها الضرورة إما واجب أو مباح على اختلاف


(١) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: ١/ ٩١.
(٢) المنخول للغزالي: ص ٤٧١.
(٣) مآثر الإنافة للقلقشندي: ١/ ١٤٦. صبح الأعشى للقلقشندي: ٩/ ٢٨٧. ولا بد في هذا الأمر من مراعاة الشروط الواجب توفرها في الخليفة والتي لا يمكن التنازل عنها، وهما هنا الإسلام والعقل، فلا يمكن لنظرية الضرورة أن تضفي شرعية على حاكم ما إذا أظهر الكفر.
(٤) فقه الضرورة لعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان: ص ٦٢.
(٥) فقه الخلافة للسنهوري: ص ٢٥٨.

<<  <   >  >>