للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الأشعري: «اختلف المسلمون في إمامة يزيد فقال قائلون: كان إماماً بإجماع المسلمين على إمامته وبيعتهم له غير أن الحسين أنكر عليه أشياء مثلُها يُنكر, وقال قائلون بإمامته وتخطئة الحسين في إنكاره عليه , وقال قائلون لم يكن إماماً على وجه من الوجوه» (١).

وقال ابن تيمية: «افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق: طرفان ووسط؛ فأحد الطرفين قالوا: إنه كان كافراً منافقاً، والطرف الثاني يظنون أنه كان رجلاً صالحاً وإمام عدل وأنه كان من الصحابة، وكلا القولين ظاهر البطلان عند من له أدنى عقل وعلم بالأمور وسِيَرِ المتقدمين؛ ولهذا لا ينسب إلى أحد من أهل العلم المعروفين بالسنة ولا إلى ذي عقل من العقلاء الذين لهم رأي وخبرة، والقول الثالث: أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات ولم يولد إلا في خلافة عثمان ولم يكن كافراً؛ ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وما فعل بأهل الحرة ولم يكن صاحباً ولا من أولياء الله الصالحين وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة» (٢).

وسئل الحافظ عبد الغني المقدسي عن يزيد بن معاوية فأجاب بقوله: «خلافته صحيحة، وقال بعض العلماء: بايعه ستون من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم ابن عمر - رضي الله عنه -، وأما محبته: فمن أحبه فلا ينكر عليه، ومن لم يحبه فلا يلزمه ذلك، لأنه ليس من الصحابة الذين صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيلزم محبتهم إكراماً لصحبتهم، وليس ثَمَّ أمرٌ يمتاز به عن غيره من خلفاء التابعين، كعبد الملك وبنيه، وإنما يمنع من التعرضِ للوقوع فيه، خوفاً من التسلق إلى أبيه، وسداً لباب الفتنة» (٣).

٢ - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم (٤):


(١) مقالات الإسلاميين للأشعري: ص ٤٧١.
(٢) فتاوى ابن تيمية: ٤/ ٤٨٣ فَصْل: افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق. ويؤيد عدم الحكم على يزيد بالكفر الحديثان الواردان قبل قليل في الحاشية (٣) من الصحيفة (٢٢٩)، فقد جاء في الأول: (ولن يستحل هذا البيت إلا أهله)، وجاء في الثاني: (واختلفت الأخوان).
(٣) ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: ص ١٩٦.
(٤) انظر ترجمة مروان بن الحكم في فهرس تراجم الأعلام رقم (١٠٧).

<<  <   >  >>