على أن يكون له رئيس واحد يحسم الخلاف إن وُجد، وتكون رئاسته بالتناوب.
ويمكن بهذا المجلس تفادي الضعف والخلاف الذي يمكن أن يتولد عن تعدد الخلفاء (الرؤساء والملوك)، إذا كانوا يعملون معاً متضامنين في إطار هذا المجلس السياسي الأعلى (١).
وإذا لم يمكن تحقيق تقدم في المجال السياسي فلا ينبغي أن يكون هذا محبطاً للهمم، فالمجال السياسي سيأتي بشكل طبيعي بعد نضج الخطوات السابقة، وتقارب المسلمين في الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، ولا أنسى هنا أن أذكر أن أي تقارب حقيقي مرجو التحقيق بين المسلمين لن ينبني إلا على قاعدة التمسك بهذا الدين الحنيف؛ قال الله تعالى:{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} الأنفال / ٦٣.
[٤ - من الناحية العسكرية]
يأتي التعاون العسكري بين الدول الإسلامية بشكل طبيعي بعد تحقيق الخطوات السابقة، وإن كان لا بد من السعي في هذا المجال فمن خلال تفعيل الاتفاقات العسكرية الموقعة بين الدول الإسلامية - إن أمكن - وهذا المجال شديد الحساسية والخطورة، والسير فيه دون تبصرة يمكن أن ينعكس على مجمل قضية الوحدة بالنقض، واستعمال القوة لفرض الوحدة - كما كان يحصل في التاريخ - لم يعد ممكناً اليوم، في ظل الظروف الإقليمية والدولية السائدة اليوم، كما أن الكثير من القادة العسكريين ممن يسيطر على مقاليد الأمور إما أنه لا يملك التصرف، أو أنه معادٍ لفكرة الوحدة الإسلامية، وذلك نتيجة الجهود التي بذلها الاستعمار في إحلال من يدين بالولاء لهم في هذه المناصب، لعلمهم أن أقرب طريق لتحقيق شيء ما هو فرضه بالقوة العسكرية، وهذا الأمر غالباً ما يكون صعب الرصد لأنه لا يتم إلا في الخفاء، أما باقي الجهود - والتي تعتبر الوسيلة الطبيعية - فيمكن رصدها ومقاومتها لأنها تتطلب فترة طويلة في العمل لتحقيقها.
كما يمكنني التحذير من أهم معوقات الوحدة الإسلامية وهي:
(١) فقه الخلافة للسنهوري: ص ١٧٦ حاشية (٥). تراجع رسالة الدكتور أحمد السقا بعنوان: السيادة في القانون العام الإسلامي: ص ٣٠ - ٣١ المقدمة لجامعة باريس سنة ١٩١٧.