للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك - في سياق المواجهة غير المباشرة مع العباسيين - سعى الفاطميون إلى أن تقام لهم الخطبة في مكة والمدينة، حتى تكون لهم السيادة الفعلية على العالم الإسلامي، وبالفعل أقيمت الخطبة للمعز بالحجاز سنة ٣٦٣ هـ (١)، كما أقيمت للعزيز سنة ٣٦٥ هـ (٢).

وظل الفاطميون حريصين على ذلك التقليد الاستراتيجي إلى أن ضعفت دولتهم ودبت الفوضى والمشكلات الداخلية في أوصالها.

ومع نهاية عهد العزيز بالله حول سنة ٣٨٢ هـ اتسعت مملكة الفاطميين، وأقيمت الدعوة لهم في أنحاء متفرقة من العالم الإسلامي في اليمن والموصل فضلاً عن الشام وإفريقية، وكذلك فقد اشترط العزيز بالله على رسل بيزنطة أن يخطب له في جامع القسطنطينية يوم الجمعة (٣).

وفي عهد الخليفة الفاطمي المستنصر «٤٢٧ - ٤٨٧ هـ» انتشر الدعاة الفاطميون على امتداد الأراضي الشرقية التابعة للعباسيين ثمَّ السلاجقة، يتلقون تعليماتهم مباشرة من رئاسة الدعوة المركزية في القاهرة، من أجل الإطاحة بالخلافة العباسية وإرساء العقيدة الشيعية في العالم الإسلامي، وبإغراء من هؤلاء الدعاة، أقام الديالمة الدعوة للفاطميين سنة ٤١٥ هـ في البصرة والكوفة والموصل وأعمال الشرق، وكذلك نجح المؤيد في الدين الشيرازي في إظهار الدعوة الفاطمية في شيراز وأرض فارس والأهواز (٤).

وهكذا كان نشاط الحكومة الفاطمية في القاهرة وخارجها موجهاً للإطاحة بالخلافة العباسية، ولكن إذا كان الفاطميون قد كسبوا عن طريق الدعوة أراضي جديدة تابعة للعباسيين، فإنهم قد خسروا بعض الأراضي من ممتلكاتهم في بلاد


(١) تاريخ ابن خلدون: ٤/ ٥١. اتعاظ الحنفا للمقريزي:١/ ٢٢٥.
(٢) اتعاظ الحنفا للمقريزي: ١/ ٢٣٨.
(٣) اتعاظ الحنفا للمقريزي: ٢/ ٢٧٤. النجوم الزاهرة لابن تغري بردي: ٤/ ١١٢، ١١٦، ٢٢٤، ١٥١.
(٤) نهاية الأرب للنويري: ٢٨/ ٢٠٥. اتعاظ الحنفا للمقريزي: ٢/ ١٦٨. ٢/ ١٣٧ - ١٣٩. النجوم الزاهرة لابن تغري بردي: ٤/ ٢٥١. الدولة الفاطمية للدكتور أيمن سيد: ص ١٨٤ - ١٨٥.

<<  <   >  >>