للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هكذا كان الوضع قبل فتح الأندلس عندما أمر الخليفة الوليدُ بن عبد الملك عاملَه على أفريقية موسى بن نصير بفتحه، الذي بدأ سنة ٩٢ هـ (١) بقيادة طارق بن زياد (٢)، وتم بمساعدة موسى بن نصير من سنة ٩٣ هـ إلى سنة ٩٥ هـ (٣)، وبعد عزل موسى بن نصير نتيجة وشاية عليه، ومقتل ابنه عبد العزيز بن موسى بن نصير، دخلت الأندلس مرحلة من التخبط السياسي استمر قرابة أربعين سنة، تغير خلالها عشرون والياً، نتيجة للصراعات والانتماءات القبلية المتعددة والمتنافسة، ولم يستطع أحد منهم استيعاب اللعبة السياسية بل كانوا جميعاً أطرافاً مكشوفة في الصراع (٤)، وكان ارتباط هذه الولاية الأموية بالسلطة المركزية واهياً، وبعد مقتل الخليفة الوليد بن يزيد سنة ١٢٦هـ/٧٤٤ م لم تعد دمشق مركز الخلافة تعطي أهمية لأمور ولاياتها في الغرب الإسلامي (٥).

استمر الأمر على هذا بعد قيام الخلافة العباسية بسبب انشغالها بتثبيت الحكم في بداية عهدها، فقد كانت السلطة العباسية السياسية خارج الخلافة لا تتعدى حدود مصر الغربية، فقد كانت ثورات البربر في أفريقية - الذين انتشرت بينهم مبادئ الخوارج بشكل كبير - تعزل العباسيين عن الاهتمام بالمغرب والأندلس، فقد كان الصراع شديداً (٦)، وقامت ولايات من البربر على يد زعماء من العرب منها: ولاية (تاهرت) التي أسسها عبد الرحمن بن رستم بمساعدة الإباضية (١٣٧ - ٢٩٧هـ)، وولاية (سجلماسة) التي أسسها بنو مدرار (١٦٧ - ١٥٧هـ)، و (تلمسان) التي أسسها أبو فروة الصنهاجي (٧).


(١) قال الطبري في تاريخه ٦/ ٤٦٨ - ٤٩٤: كان فتح الأندلس في سنة ٩٥ هـ.
(٢) نفح الطيب للمقري: ١/ ١٦٠، ٢٢٩. الدولة العربية للدكتور إبراهيم بيضون: ص ٧٤.
(٣) الكامل لابن الأثير: ٤/ ٢٦٨. أخبار مجموعة: ص ١٥. موسى بن نصير للعدوي: ص ٩٢. الدولة العربية في إسبانية للدكتور إبراهيم بيضون: ص ٧٧ - ٨٥.
(٤) انظر تسلسل الأحداث في الأندلس بعد مقتل عبد العزيز بن موسى في: العلاقات السياسية بين الدولة العباسية والأندلس لعبد الجليل الراشد: ص ٣٨ وما بعدها.
(٥) تاريخ خليفة بن خياط: ص ٣٣٦. تاريخ الطبري: ٧/ ٢٣١. البيان المغرب لابن عذاري: ١/ ٥٩. وانظر: النزاع بين أفراد البيت الأموي ودوره في سقوط الخلافة الأموية لرياض عيسى: ص ١٣٣ وما بعدها.
(٦) يقول ابن الأثير في تاريخه ٥/ ٢٤٢: كان بين الخوارج والعباسيين ٣٧٠ وقعة!. وانظر تاريخ خليفة بن خياط: ص ١٢١ - ٤١٦. والاستقصا للسلاوي: ١/ ١٠٢ - ١١٨.
(٧) ولكن بقيت هذه الولايات البربرية قليلة التأثير، بينما انقسم الحكم في المغرب الأفريقي في الحقيقة بين دولتين: هما الدولة الإدريسية التي أسسها إدريس بن عبد الله العلوي في بلاد المغرب الأقصى (١٧٢ - ٣٧٥هـ) ودولة الأغالبة التي أسسها إبراهيم بن الأغلب في تونس (١٨٤ - ٢٩٦هـ)، إلى أن قامت في المغرب الدولة الفاطمية الشيعية التي ضمت أجزاء واسعة من المغرب (٢٩٨ - ٥٦٧ هـ). وانظر: العالم الإسلامي للدكتورين حسن محمود وأحمد الشريف: ص ٤٠٧. الدولة العربية في إسبانية للدكتور إبراهيم بيضون: ص ١١ - ١٣، ٩١ - ٩٢، ١١٧. العلاقات السياسية بين الدولة العباسية والأندلس لعبد الجليل الراشد: ص ٩٣، ١٠٨. المغرب الكبير لعبد العزيز سالم: ص ٤٧١. تاريخ المغرب العربي لسعد زغلول عبد الحميد: ص ٢٩٣.

<<  <   >  >>