للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلمة المسلمين بدلاً من تفرقها بين الطامعين في الخلافة، فقد كان يزيد مؤيَّداً من قبيلة أمه بني كلب (١) وحلفائها مثل خولان وسكون وجذام، وكانت الخلافة تحتاج إلى عصبية تدعمها، وتعيد هيبتها وتستمر في حمايتها ضد الذين أفرطوا في التطاول على منصب الخلافة الذي راح ضحيته أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ومن بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

وبعد وفاة معاوية أراد يزيد أن يؤكد البيعة له وذلك في نصف رجب سنة ستين وكانت سِنُّهُ حينئذ ثلاثاً وثلاثين سنة، ولما تولى كان على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وعلى مكة عمرو بن سعيد بن العاص وعلى البصرة عبيد الله بن زياد وعلى الكوفة النعمان بن بشير ولم يكن ليزيد همة حين ولي إلا بيعة النفر الذين أبوا على معاوية بيعته، فكتب إلى الوليد يخبره بموت معاوية وكتاباً آخر صغيراً فيه: «أما بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر وابن الزبير بالبيعة أخذاً ليس فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام» ففشل، وكان أشدهم رفضاً للبيعة الحسين بن علي وابن الزبير رضي الله عنهما؛ فأما ابن الزبير فقد خرج من المدينة بعد رفضه المبايعة ليزيد حتى قدم مكة وأقام فيها، وصار يدعو إلى نفسه سراً، ثمَّ لحقه الحسين بن علي أيضاً بعد أيام، ثمَّ جاءت كتب أهل العراق إلى الحسين يسألونه القدوم عليهم فسار بجميع أهله حتى بلغ كربلاء بقرب الكوفة، فعرض له جيش عبيد الله بن زياد فقتله وقتل معه كثيراً من أهله، في قصة مأساوية ليس هنا مكان تفصيلها (٢).

ولما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما أظهر ابنُ الزبير شتمَ يزيد، فأرسل له يزيد من المدينة سبعمائة وعليهم أنيس بن عمرو الأسلمي، ونحو ألفي رجل وعليهم عمرو بن الزبير، وهو أخو عبد الله بن الزبير، وكان بينهما بغض


(١) بنو كلب قبيلة عربية بدوية دانت بالنصرانية منذ عشرات السنين، وكانت تنزل قريباً من تدمر على الأرجح، وفي منتصف القرن السابع الميلادي كان زعيمهم بحدل بن أنيف وهو الذي لعب دوراً هاماً في عودة الخلافة للأمويين بعد موت معاوية الصغير. انظر: عبد الملك بن مروان لعمر أبو النصر: ص٢٣ - ٢٤.
(٢) تاريخ الطبري: ٣/ ٢٦٩ وما بعدها. وانظر خبر خروج ابن الزبير والحسين في: تاريخ خليفة: ص ٢٥١ وما بعدها. والكامل لابن الاثير: ٣/ ٣٥١ وما بعدها. وتاريخ الاسلام للذهبي: ٤/ ١٦٩ - ١٧١، ٥/ ٧. البداية والنهاية لابن كثير: ٨/ ١٥٧ وما بعدها. وتاريخ اليعقوبي: ٢/ ٢٢٨، ٢٤١.

<<  <   >  >>