للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوزير اليازوري سنة ٤٥٠ هـ (١)، وهو دليل على مدى ما بلغته البلاد من فساد واضطراب في الشطر الثاني من خلافة المستنصر.

وتوالى انفصال أجزاء الدولة، فانفصل شمال إفريقيا «المغرب» كله وخطب للعباسيين، وفي سنة ٤٦٣ هـ دخل النورمان صقلية واستولوا عليها، فخرجت بذلك عن حكم الفاطميين، بعد أن ظلت جزءاً من أملاكهم منذ قيام دولتهم.

وفي الوقت نفسه تطلع السلاجقة بعد استقرار نفوذهم في العراق إلى ضم بلاد الشام، فاستلبوا من الفاطميين أكثر مدن الشام، بحيث لم يبقَ للخلافة الفاطمية سوى بعض المدن الساحلية، وهكذا كان ظهور السلاجقة- أتباع المذهب السُّني - عاملاً من عوامل إضعاف الخلافة الفاطمية.

ثم أنشب الانقسام أظفاره داخل البيت الفاطمي نفسه، حيث كان المستنصر قبل وفاته قد جعل ولاية العهد من بعده لأكبر أبنائه أبي منصور نزار، فلما مرض أراد أخذ البيعة له، فظل الأفضل وزيره ومدبر دولته يحول بينه وبين هذا الأمر حتى توفي المستنصر، فعقد الأفضل البيعة لابنه المستعلي بالله، فخرج نزار إلى الإسكندرية حيث بايعه واليها التركي ناصر الدولة أفتكين بالخلافة، التي عده الأفضل خارجاً عليها، فجهز جيشاً وخرج على رأسه لقتال نزار ووالي الإسكندرية، ثم اعتقلهما فأمر المستعلي بقتلهما، وانقسم الفاطميون - منذ ذلك التاريخ - إلى مستعلية يؤمنون بحق المستعلي بالله في الخلافة، ونزارية يرون أن نزاراً أحق بها من أخيه (٢).

وقد استغل الأفضل بن بدر الجمالي ذلك الانقسام داخل البيت الفاطمي، فقبض على زمام السلطة بيد من حديد واستبد بالأمور دون الخليفة الذي لم يكن له مع الأفضل أمر ولا نهي، إذ كان الأفضل يدبر أمر الدولة تدبير سلطنة وملك، لا تدبير وزارة (٣).

وبدأت السلطة تنتقل فعليّاً ورسميّاً من أيدي الخلفاء إلى أيدي الوزراء وأصبح


(١) اتعاظ الحنفا للمقريزي: ٢/ ٢٣٦ وما بعدها.
(٢) تاريخ الدولة الفاطمية للدكتور حسن إبراهيم حسن: ص ١٧٢.
(٣) اتعاظ الحنفا للمقريزي: ٣/ ٢٧.

<<  <   >  >>