للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف العلماء: من هو الذي وقت ذات عرق لأهل العراق؟ على قولين:

= القول الأول: أنه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

واستدلوا على هذا:

- بما أخرجه أصحاب السنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل العراق ذات عرق.

=والقول الثاني: أن الذي وقت لهم هذا الميقات هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -

* * والصواب * * مع القول الثاني:

- لأن الحديث المرفوع الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي وقت ذات عرق: حديث ضعيف معلول ولا يثبت مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك ذكر البخاري هذا الحديث موقوفاً عن عمر وأعرض عن الحديث المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذاً صار الذي وقته هو عمر ب الخطاب - رضي الله عنه -.

- ثم قال - رحمه الله تعالى -:

وهي لأهلها ولمن مرّ عليها من غيرهم.

أي: أن هذه المواقيت لمن حددت له من الأمصار، وهي ميقات لمن مر عليها ولو من غير أهل تلك الأمصار، وهذه العبارة من المؤلف فيها عدة مسائل مهمة:

o المسألة الأولى: هل يجوز الإحرام قبل المواقيت المكانية؟

كما لو أحرم أهل العراق من البصرة - مثلاً - أو من بغداد قبل أن يصلوا إلى ميقاتهم، أو لو أحرم أهل الشام من دمشق أو من عمان قبل أن يصلوا إلى الجحفة ... إلخ ..

الجواب: أجمع أهل العلم أنه يجوز أن يحرم قبل الميقات المكاني وأنه ينعقد لكن مع الكراهة - ونحن نتكلم في المواقيت المكانية وسيأتينا الحديث عن الإحرام قبل الموقيت الزمانية -.

إلا أن ابن حجر ذكر أن إسحاق بن راهويه وداود الظاهري خالفوا الجماهير وحرموا ومنعوا أن يحرم الإنسان قبل الميقات المكاني.

* * والصواب * *: مع قول الجماهير والذي حكي إجماعاً.

والسبب في ترجيح مذهب الجماهير:

- أنه مروي عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن بعضهم أحرم قبل الميقات المكاني، فإذا كان هذا القول مروي عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومحكي إجماعاً وهو مذهب الجماهير ولم يخالف إلا داود وإسحاق فلاشك - إن شاء الله - أن الراجح مع الجماهير وهو: الجواز مع الكراهة، وأن من فعل ذلك فقد خالف السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>