o المسألة الثانية: من كان في طريقه إلى مكة ميقاتان: فهل يجب أن يحرم من الميقات الأول؟ أو يجوز أن يؤخر الإحرام إلى الميقات الثاني؟ إذا كان الميقات الثاني هو الميقات الأصلي له.
إذاً المسألة مفروضة فيمن مر على ميقاتين الثاني هو الميقات الأصلي له.
مثاله: كأن يسافر رجل من أهل نجد إلى مكة ويمر بميقات أهل المدينة فأمامه ميقات أهل نجد وهو الآن مر بميقات أهل المدينة فهل يجب عليه أن يحرم من هذا أو ذاك؟ فيه خلاف:
= القول الأول: للجماهير والجم الغفير من أهل العلم - أنه يجب أن يحرم من أول ميقات يمر عليه ولا يجوز أن يؤخر إلى الميقات الثاني ولو كان هو ميقاته الأصلي.
واستدلوا على هذا القول:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - بين هذه المسألة فقال: (هن لهن ولمن مر عليهن من غير أهلهن).
ويكاد يكون الحديث نص في المسألة، أن الميقات الأول هو ميقات له، وإذا كان ميقات لهذا الذي مر فالميقات لا يجوز لإنسان أن يتجاوزه بلا إحرام.
= القول الثاني: - لبعض المالكية واختاره شيخ الإسلام - أنه يجوز أن يؤخر الإحرام إلى الميقات الثاني إذا كان هو ميقاته الأصلي.
واستدلوا أيضاً بأدلة فيا وجاهة:
- الدليل الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه لما أرادوا أن يحرموا من ميقات أهل المدينة: (من أراد أن يستمتع بثيابه إلى الجحفة فليفعل).
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لهم أن يؤخروا الإحرام إلى الميقات الثاني.
والجواب عليه: أن هذا لحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنه يصح مرسلاً إلى محمد بن علي - رضي الله عنه -، فهو صحيح مرسلاً ضعيف مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- الدليل الثاني: روي أن عائشة - رضي الله عنها - أحرمت مرة من ذي الحليفة ومرة من الجحفة وهي من أهل المدينة فأخرت إحرامها إلى الجحفة.
والجواب عليه: أن هذا الأثر فهم من عائشة - رضي الله عنها - وهو يخالف منطوق حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.