- الدليل الثالث - والأخير -:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ميقات أهل الشام الجحفة) فالحديث جعل الجحفة ميقاتاً للشام سواء مر قبل ذلك بذي الحليفة أو لم يمر.
والجواب عليه: أن آخر الحديث ينقض الاستدلال بأوله فإن آخر الحديث بين أن هذه المواقيت مواقيت لأهل تلك الأمصار ولمن مر عليها من غير أهل تلك الأمصار.
وهذه المسألة: أصبحت في وقتنا المعاصر غاية في الأهمية لسهولة السفر وكثرة الذين يمرون بالمواقيت القريبة من الحرم.
فصار سؤال الناس عن هذه المسألة كثير جداً لأنه يسهل عليهم أن يمروا بالميقات القريب من مكة وهو كما تقدم معنا: السيل.
* * الراجح * * في هذه المسألة إشكال - وقلت لكم أن القول الثاني هو لبعض المالكية وأيضاً اختاره شيخ الإسلام بن تيمية، لكن يظهر لي أن هذا القول ضعيف وأن الأقرب - إن شاء الله - مذهب الجماهير وهو: أنه يجب أن يحرم من أول ميقات.
على أني أقول كما نبهت مراراً إلى أن المسألة الخلاف فيها قوي وأدلة أصحاب القول الثاني فيها وجاهة وتحتمل القبول وأن يرجح القول لأجلها.
لكن لما كان الجمهور معهم نص صريح صحيح وواضح وهو أحوط فرأيي أن هذا القول أوفق للحديث وأحوط لدين الإنسان.
o المسألة الأخيرة: حكم تجاوز الميقات بدون إحرام لمن أراد الحج أو العمرة.
- أجمع أهل العلم بلا خلاف على:
- تحريم تجاوز الميقات بلا إحرام لمن كان مريداً للنسك.
- وأنه إذا تجاوز الإحرام فهو آثم إذا كان عمداً بعلم وعليه أن يتوب ويستغفر.
- ثم: إن رجع إلى الميقات قبل أن يحرم فإنه يسقط عنه الدم على الصحيح من قولي أهل العلم.
- وإن أحرم بعد أن تجاوز الميقات فإنه يثبت عليه الدم رجع أو لم يرجع لا كما يفهم بعض إخواننا أنه إذا رجع ولو بعد الإحرام سقط عنه الدم بل إذا أحرم بعد أن تجاوز الميقات فإنه يثبت عليه الدم رجع أو لم يرجع ما دام أنه أحرم.
ولا نريد الآن أن ندخل في مسألة: الدم المترتب على ترك الواجب لأنه سيأتينا في منطوق المؤلف أو نصه ونتحدث عن هذه المسألة.
المهم: أن تجاوز الميقات لمن أراد النسك محرم بالإجماع: فإن رجع قبل أن يحرم سقط عنه الدم وبقي أن يتوب. وإن رجع بعد أن يحرم فالدم يثبت في ذمته.