- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
ومن حج من أهل مكة: فمنها.
تقدم معنا أن الناس على قسمين:
منهم من هو دون المواقيت. سواء كان من أهل مكة أو من غير أهل مكة ممن هو دون المواقيت كأهل جدة وبحرة وغيرهم، فهؤلاء يقول المؤلف - رحمه الله - عنهم: (ومن حج من أهل مكة: فمنها) فالإحرام لأهل مكة: من مكة بالإجماع.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (حتى أهل مكة من مكة). ونحن نتحدث عن الحج وسيأتينا الكلام عن العمرة.
ومقصود المؤلف - رحمه الله - بقوله: (أهل مكة) من كان في مكة عند إرادة النسك سواء كان مقيماً في مكة أو غير مقيم، فكل شخص في مكة نوى أن يحج فإنه يحرم من مكة.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وعمرته من الحل.
يعني أنه إذا أراد المكي أن يعتمر فيجب عليه وجوباً أن يحرم من الحل ولا يجوز أن يعقد الإحرام من مكة.
وهذا القول الذي ذكره المؤلف - رحمه الله - هو:
= مذهب الأئمة الأربعة. بل مذهب الجماهير من أهل العلم من فقهاء التابعين وغيرهم بل حكاه الطبري إجماع أهل العلم: أن المكي لا يجوز له أن يعقد إحرام العمرة من مكة.
واستدلوا على هذا بدليلين:
- الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالخروج بعائشة - رضي الله عنها - إلى التنعيم لتحرم بالعمرة في قصتها المشهورة لما حاضت وفاتها أن تأخذ عمرة مع الحج - كما سيأتينا حديثها مفصلاً.
- والثاني: أنه مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن المكي إذا أراد أن يحرم فإنه يجب أن يخرج إلى الحل.
- والدليل الثالث: أن المعهود في الشرع أن الإحرام لابد أن يجمع فيه الإنسان بين الحل والحرم. ففي الحج سيجمع الإنسان بين الحل والحرم بأن يخرج إلى عرفة وفي العمرة لن يخرج إلا إذا أحرم من خارج الحرم من الحل فوجب عليه أن يخرج.
= والقول الثاني: جواز الإحرام بالعمرة من مكة. وإلى هذا ذهب الصنعاني - رحمه الله - ولا أعلم أن أحداً من أهل العلم تابع الصنعاني على هذا القول - أعني من المتقدمين إلا أن البخاري قال: باب مهل أهل مكة للحج والعمرة.
الراجح من القولين إذا اعتبرنا القول الثاني قولاً يعتد به: