الراجح هو القول الأول الذي حكي إجماعاً، بل نستطيع أن نقول أن هذا القول قول شاذ ويحكم على هذا القول بأنه من الأقوال الشاذة. فإن الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - يقول: لا أعلم أن أحداً رأى العمرة من مكة.
وانطلاقاً من حكاية الإجماع الذي حكاه الطبري ومن هذه العبارة من الإمام مالك: نستطيع أن نقرر أن هذا القول قول شاذ مخالف لأقوال أهل العلم.
ولذلك لا ينبغي في الحقيقة - ومن وجهة نظري - التعويل عليه أو الفتوى به لمخالفته ما عليه جمهور أهل العلم أو إجماع أهل العلم.
ثم بدأ المؤلف بالمواقيت الزمانية:
- فقال - رحمه الله تعالى -:
وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
أشهر الحج:
= عند الحنابلة: هذه التي ذكرها المؤلف - رحمه الله -. شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
واستدل الحنابلة:
- بأن هذا التحديد مروي عن ابن عمر - رضي الله عنه - وليس مما يقال من قبيل الرأي.
= والقول الثاني: أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كاملاً.
واستدل هؤلاء بدليلين:
- الدليل الأول: أن هذا القول صح عن عمر وابنه وابن عباس - رضي الله عنهم -
- الدليل الثاني: أن الله تعالى قال: {الحج أشهر معلومات .. } [البقرة/١٩٧] وأشهر جمع، والجمع في لغة العرب لا يصدق إلا على ثلاثة فصاعداً.
فدل على أن المواقيت الزمانية ثلاثة أشهر.
فهذا القول هو القول الصحيح إن شاء الله، لو لم يكن في الباب إلا أن هذا رأي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فضلاً عن أنه يتوافق مع ظاهر الآية، فضلاً عن أنه يتوافق مع فتوى اثنين من علماء الصحابة: ابن عمر وابن عباس، فإذا نظر الإنسان في هذه الأدلة تبين له بوضوح أن القول بأن أشهر الحج ثلاثة هو القول الصواب إن شاء الله.
ونختم هذا الباب بمسألة مهمة:
- وهي: حكم الإحرام بالحج قبل ميقاته الزماني:
= ذهب الحنابلة رحمهم الله تعالى إلا أنه يجوز وينعقد مع الكراهة الإحرام بالحج قبل ميقاته الزماني.
= والقول الثاني: وهو مذهب الجماهير - الأئمة الثلاثة وغيرهم أن الإحرام بالحج لا ينعقد قبل ميقاته الزماني، فإذا لبى بالحج قبل أشهره انقلب إلى عمرة.