- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه في الحديث الصحيح أنه أحرم بعد أن صلى الظهر وكأن الأئمة الأربعة يرون أن ذلك كان مقصوداً من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يحرم إلا بعد هذه الصلاة.
- وبقوله في الحديث القدسي أنه قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة).
فقوله: (صل ثم قل) دليل على أن النسك يستحب الشروع فيه بعد صلاة: سواء كانت فريضة بأن صادف الوقت فريضة أو بعد نافلة.
= والقول الثاني: أنه ليس للإحرام سنة خاصة به.
فإن صادف الإنسان فريضة صلاها ثم أحرم فإن لم يصادف فليس للإحرام سنة خاصة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام بن تيمية وتابعه عدد من أهل العلم.
واستدلوا:
- بأنه ليس في السنة الصحيحة ما يدل على أنه من مقصود الشارع أن يقع الإحرام بعد صلاة فريضة أو نفل.
ولكل من القولين حظ من النظر وما ذكره الأئمة الأربعة فيه قوة ويؤيده هذا اللفظ (صل في هذا الوادي المبارك وقل) فكأن الحديث رتب الإحرام على الصلاة، ففي الحقيقة ينبغي للإنسان أن لا يحرم إلا بعد صلاة، والأمر في هذه المسألة سهل ولكنه يرجع إلى الاعتقاد، فهل يعتقد الإنسان أنه يستحب ويسن له أن لا يحرم إلا بعد صلاة أو لا؟
أنا أرى أنه يسن أن يعتقد وأن يرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صنع ذلك قصداً كما فهم الأئمة الأربعة وكما قلت لكم النصوص التي ذكرت تؤيد هذا الفهم.
- ثم قال - رحمه الله تعالى -:
ونيته شرط.
نية الإحرام شرط لصحة وانعقاد الإحرام.
أي: فلا يكتفي الإنسان بمجرد التجرد من المخيط أو التلبية بل لابد مع ذلك من أن ينوي الدخول في النسك.
واختلف الفقهاء: هل يدخل الإنسان في النسك بمجرد النية؟ أو يشترط مع النية شيء آخر.
=فالجمهور: على أن النية فقط هي التي تشترط ولا يشرط لدخول الإحرام شيء آخر.
واستدلوا على ذلك:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات).