للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

= والقول الثاني: وهو قول لبعض الفقهاء: أن الإنسان لا يدخل في النسك إلا إذا انضاف إلى النية أحد أمرين: ١) إما أن يسوق الهدي، ٢) أو أن يلبي. فإن لم يسق الهدي ولم يلبي فإنه لا يدخل في الإحرام بمجرد النية بل لابد أن يضاف إليه أحد هذين الأمرين، وكأن شيخ الإسلام - رحمه الله - يميل إلى هذا القول.

والراجح والله أعلم: أنه لا يشترط للدخول في الإحرام: أن يسوق الهدي ولا أن يلبي بل بمجرد أن ينوي أنه دخل في النسك: لزمته أحكام النسك ولو لم يلبي أو يسق الهدي.

وما ذكره شيخ الإسلام من وجهة في هذه المسألة ضعيف وسبب الضعف أنه ليس في السنة دليل واضح يدل على اشتراط هذا الأمر وهذا أمر تمس الحاجة إليه والمسلمون ما زالوا يعتمرون ويحجون فلو كان هذا الشرط اعتبره الشارع لبينته السنة بشكل واضح على أن الخطب في هذه المسألة سهل لأنه ليس أحد من المسلمين اليوم يحرم إلا مع التلبية بل إن بعض الناس يظن أن الإحرام هو التلبية فلا إشكال من حيث الواقع في هذه المسألة.

- ثم قال - رحمه الله تعالى -:

ويستحب قوله: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيْدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لِي وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي).

هذه العبارة اشتملت على مسألتين:

- المسألة الأولى: أنه:

=يستحب عند الحنابلة: النطق بالنية عند إرادة الإحرام سواء أراد الإحرام بالحج أو بالعمرة.

وتقدم معنا أن الحنابلة لا يرون مشروعية النطق بالنية عند إرادة الإحرام بالصلاة، وفرقوا بينهما: لأن نية النسك تطول على الإنسان وتكثر فيها الأعمال فناسب لذلك أن يصرح أو أن ينطق بالنية ليتصور العمل بخلاف الصلاة فإن وقتها وجيز ولا يدخل الإشكال على المصلي في ضبط نيته.

= والقول الثاني: أن النطق بالنية لا يشرع ولا يستحب وليس له أصل في السنة وأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عمراً وحجوا ولم ينقل عنهم أنهم نطقوا بالنية.

فالأقرب والله أعلم: أن النطق بالنية لا يشرع إن لم نقل إنه بدعة.

والنطق بالنية شيء والتلبية التي ستأتينا شيء آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>