ولكن مع ذلك الشراح ذكروا أنه لا يمكن أن نحمل هذا الحديث على ظاهره بل نقول: أراد ابن عمر - رضي الله عنه - بهذا الكلام أن يبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قارناً بغض النظر عن الصورة التفصيلية لكيفية نسكه فحملوه على هذا المحمل وإن كان الفظ صريحاً لكنهم لم يرتضوا أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالعمرة أولاً وحملوا هذا اللفظ على أنه أراد الصورة العامة لا الصورة التفصيلية والذي دعاهم إلى هذا الحمل هو أنه لا يمكن التوفيق بين الأحاديث إلا إذا قلنا بهذا القول.
والراجح - والله أعلم - الجواز:
- لأنه وإن استدل الإمام أحمد - رحمه الله - بأثر علي إلا أن أصحاب القول الثاني معهم ظاهر السنة - وليس صريحها - فهذا يجعل الإنسان يركن إلى هذا القول، ثم إذا أحرم الإنسان بالحج ثم أدخل عليه العمرة استفاد سقوط نسك العمرة عنه وتقرب إلى الله بالهدي لأن القارن يجب عليه الهدي، فبين أن لهذا العمل فائدة كبيرة.
-
ثم قال - رحمه الله تعالى -:
وإذا حاضت المرأة فخشيت فوات الحج: أحرمت به وصارت قارنة.
هذه إحدى صور القران وهي الصورة الثانية.
ودليلها:
- حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي تقدم معنا أنها أحرمت بالعمرة ثم خشيت فوات الحج لأنها حاضت فأدخلت الحج على العمرة.
إذاً من خشي فوات الحج وهومحرم بالعمرة تمتعاً فإنه يدخل الحج على العمرة سواء كانت خشية الفوات بسبب الحيض بالنسبة للنساء أو بأي سبب بالنسبة للرجال، فما دام خشي أن يفوت الحج فالحل أن دخل الحج على العمرة.
= والقول الثاني: أن من أحر بالعمرة ثم خشي فوات الحج ولن يتمكن م إتمام العمرة كالحائض فحكمه أن يرفض العمرة وهو معذور بهذ الرفض لأنه لا يستطيع إتمام النسك.
وهذا مذهب الأحناف.
وهو غاية في السقوط والضعف: - لأنه مخالف لنص السنة الصريحة فإن هذه المسألة أفتى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمرها أن تحرم بالحج فكيف نقول بأن الحل أن ترفض العمرة ويكون رفضها مقبولاً في هذه الصورة لأنها معذورة.