وفهم من كلام المؤلف - رحمه الله - أن الجوارب والخفاف ليست من محظورات الإحرام بالنسبة للمرأة لأنه نص على القفازين فقط فلا يجوز للمرأة أن تلبس ما يلبس في اليدين ولكن يجوز لها أن تلبس ما يلبس في الرجلين ونحن الآن عندما نقول يجوز لا نريد الحديث عن حكم تغطية الرجلين هل هي من العورة أو لا؟ فإن هذا البحث سيأتينا في كتاب النكاح. فالبحث الآن في هل هو من محظورات الإحرام أو لا؟ فإذا قال الإنسان: يجوز فلا يعني أنه لا يجب، فربما أنه يجوز وأيضاً يجب.
إذاً لبس ما فصل على قدر القدم من خف أو جورب لا بأس به للمرأة وهو جائز لأن الحديث نص على شيء واحد وهو القفازين.
- ثم قال - رحمه الله -:
وتغطية وجهها.
تغطية المرأة وجهها أثناء الإحرام من محظورات الإحرام وهو محل إجماع وحكاه أكثر من واحد من أهل العلم: أنه لا يجوز للمرأة أثناء الإحرام أن تغطي وجهها.
ويستثنى من هذا عند الفقهاء جميعاً إذا مر الرجال الأجانب فإنه يجب على المرأة أن تسدل الغطاء لتستر وجهها عن الرجال الأجانب.
* * مسألة/ يفهم من كلام شيخ الإسلام - رحمه الله - وابن القيم - رحمه الله - أن المحظور بالنسبة للمرأة هو لباس معين وهو النقاب وليس المحظور هو تغطية الوجه، فهم يقولون: النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع المرأة من ستر الوجه، لا وإنما منعها من ستر الوجه بشيء معين وهو النقاب، والجمهور لم يفهموا من حديث (لا تنتقب المرأة) هذا الفهم، وإنما فهموا من حديث لا تنتقب المرأة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النقاب لا لأجل النقاب وإنما لأجل أنه يغطي الوجه.
ويؤيد هذا الفهم - ويشكل في نفس الوقت على مذهب شيخ الإسلام وابن القيم - الإجماع الذي حكاه ابن حجر وغيره أن تغطية الوجه محظور عند جميع أهل العلم، فهذا الإجماع يسند فهم الجمهور للحديث وهو أن المراد من الحديث منع المرأة من تغطية الوجه سواء كان بغطاء معين وهو النقاب، أو بغير هذا الغطاء مما يستر به الوجه.
فإن قيل: إذا كان المقصود النهي عن تغطية الوجه فلماذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - نوعاً معيناً من غطاء الوجه وهو النقاب؟