- بأن المدينة فيها حرم حكم كبير يحتاج لإثباته إلى نقل عام لا إلى نقل خاص.
والجواب على هذا الدليل من وجهين:
- الوجه الأول: أن تحريم المدينة نقل نقلاً عاماً فقد نقله عدد من الصحابة.
- الوجه الثاني: أن هذه القاعدة قاعدة منكرة إذ لا يشترط في ثبوت الأحكام أن تنقل نقلاً عاماً بل يكتفى فيها بالنقل الخاص ولذلك نجد أحكاماً مهمة لم تنقل لنا إلا نقلاً خاصاً فيكون الذي رواها من الصحابة واحد أو اثنان ورواها عنه عدد قليل من التابعين إلى أن وصلت إلى أصحاب الكتب الستة أو التسعة، فهذا شرط غير صحيح ويخالفه عمل علماء المسلمين.
بناء على هذا: الراجح: إن شاء الله ما ذهب إليه الأمة وهو أن المدينة لها حرم صحيح وثابت وكيف نرد الأحاديث الصريحة والصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم أنه حرم المدينة في مثل هذه الأقيسة والتعليلات.
- ثم قال - رحمه الله -:
ولا جزاء فيه.
= ذهب الحنابلة واختاره ابن قدامة وذكر عن الإمام أحمد - رحمه الله - أنه ليس في قتل صيد المدينة جزاء وإنما فيه التوبة، قال الإمام أحمد: لا أعلم أن فيه جزاء.
= والقول الثاني: أن فيه جزاء. والجزاء هو سلب قاتل الصيد أو قاطع الشجرة.
واستدلوا على هذا:
- بما أخرجه مسلم عن سعد - رضي الله عنه - أنه رأى عبداً يقطع شجراً في حرم المدينة فأخذ سلبه. فجاء قومه إليه فقالوا: أرجع سلب العبد فقال - رضي الله عنه -: ما كنت أرد شيئاً نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فهذا الحديث صريح بأن سعد يرى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في قطع شجر الحرم أو قتل صيده سلب المعتدي، والمقصود بالسلب: على هذه الرواية هو: ثياب المعتدي دون دابته، فالسلب في هذا الباب يختلف عن السلب في الجهاد، والدليل:
- أن السلب في باب الجهاد إنما جاز فيه أخذ الدابة لأن لا يتقوى بها الكافر ولأجل أن يتقوى بها المجاهد المسلم وهذا المعنى مفقود في حرم المدينة.
- والشيء الآخر أنه لم ينقل أن سعداً رضي الله عنه أخذ دابة العبد.