والأئمة - رحمهم الله - أخذوا من هذا الحديث وفهموا استحباب الاغتسال وأن يدخل نهاراً. وأما الدخول في الليل: فهو أيضاً جائز ولم يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلاً إلا مرة واحدة. وهو دليل الجواز، فيجوز أن يدخل ليلاً ويستحب أن يدخل نهاراً وهو أمر مقصود كما فهم الأئمة وليس أمراً عرضياً وقع صدفة بل ينبغي ويستحب للإنسان أن يتقصد أن يغتسل وأن يدخل مكة نهاراً.
ثم نأتي إلى السنة التي ذكرها المؤلف:
- فقال - رحمه الله -:
يسن: من أعلاها.
استحباب دخول مكة من أعلاهاً من حيث الجملة لا أعلم فيه خلافاً.
لكن ذهب بعض الشافعية إلى أنه يستحب الدخول من أعلى مكة لمن كان طريقه يمر بأعلى مكة وإلا فلا.
ويفهم من هذا الخلاف أن جميع أهل العلم يرون استحباب الدخول من أعلى مكة إذا كان طريق الإنسان يمر بأعلى مكة، وكما قلت: الجماهير يرون الاستحباب مطلقاً فقط بعض الشافعية يرون أنه مستحب في حال واحدة: إذا كان طريقه يمر بأعلى مكة.
وهذا القول الراجح وهو أرجح من القول بأن هذا الدخول وقع لأنه الأسهل أو لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما طريقه من هذا الطريق فإن الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد كلهم يرون أن هذا أمر مقصود وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تقصد الدخول من أعلاها.
واستدلوا:
- بما ثبت في حديث ابن عمر وحديث عائشة وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: دخل مكة من أعلاها.
بل نستطيع أن نقول: أن هذا فهم حتى الصحابة فإنا لا نعلم فائدة من قول عائشة أو ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل من أعلا مكة إلا أن هذا أمر مستحب أو أنه أمر مقصود.
فإذاً هذه سنة ثابتة نستطيع أن نقول بالإجماع لمن كان طريقه يمر بأعلى مكة وعند الجماهير لمن كان طريقه يمر بغير هذا الطريق يعني: من غير أعلى مكة.
- ثم قال - رحمه الله -:
والمسجد من باب بني شيبة.
يعني: ويستحب أن يدخل المسجد الحرام من هذا الباب.
والدليل على استحباب هذه السنة:
- ما أخرجه البيهقي في سننه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد من هذا الباب.