للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستدلال بهذا الحديث محتمل لأن الغداة تصدق حتى على بعد صلاة الفجر وتصدق على بعد طلوع الشمس. فتعيين أنها أخذت من منى من لفظ الحديث لا يتأتى. لكن وجه الاستدلال أن ابن قدامة قال: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لابن عباس هذا اللفظ في منى) والظاهر والله أعلم أنه أخذ هذا الاستنباط لا من قوله (غداة العقبة) ولكن من ألفاظ أخرى فلهذا الحديث ألفاظ في سنن الترمذي وفي سنن النسائي وفي سنن أبي داود تفيد أن هذا الأمر كان بعد أن تجاوز النبي - صلى الله عليه وسلم - وادي محسر، فلعل ابن قدامة استدل بهذ.

= فيه قول ثالث: أشار إليه النسائي ولم أر أحداً نص عليه لكن في الحقيقة هو قول جميل جداً. وأشار إليه من خلال التبويب فهو يرى: أن السنة أن يلتقط الإنسان الحصى بعد مجاوزة وادي محسر مباشرة. يعني في أول منى. لقول ابن عباس - رضي الله عنه -: (فلما جاوز محسراً قال القط لي الحصى) ففي هذا اللفظ دليل على أنه يستحب الإنسان أن يلقط الحصى أول ما يدخل منى.

وإذا تأملت وجدت أن هذا القول يجمع بين القولين فهو لم يلقط عند الجمار ليتأخر وإنما في أول منى ولم يشتغل عن الدعاء الذي في فجر مزدلفة بلقط الحصى فهذا القول في الحقيقة وجيه وقوي مع العلم أنه لا يمكن أن نعمل به اليوم لأن الإنسان لا يستطيع أن يتوقف بعد وادي محسر وينزل ويأخذ حصى مع الزحام.

لكن تقدم معنا أن تقرير القول الراجح أو السنن شيء وإمكان الإتيان بها شيء آخر.

- ثم قال - رحمه الله -:

وعدده سبعون.

عدد الجمار سبعون يعني مع جمار العقبة.

وظاهر عبارة المؤلف - رحمه الله - أن السنة أن الإنسان أن يلقط في هذا الوقت الجمار المتعلقة بجمرة العقبة والجمار المتعلقة بأيام التشريق.

والأقرب والله أعلم: أن المقصود بالآثار أخذ جمار العقبة وأما جمار أيام التشريق فإنها تلتقط أيام التشريق من منى أو من غير منى مما يتيسر للإنسان، أما في هذا اليوم فالمستحب أن يعتني الإنسان فقط بجمار العقبة فقط، ففي قوله المؤلف - رحمه الله - (وعدده سبعون): فيه نظر بل السنة التقاط السبع فقط.

- ثم قال - رحمه الله -:

بين الحمص والبندق.

<<  <  ج: ص:  >  >>