للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: أن المستحب أن تكون بهذا المقدار، وهي ما يقارب حجم النواة: نواة التمر وما يقارب أيضاً أنملة الأصبع طولاً وعرضاً.

والدليل على ذلك:

- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص في حديث ابن عباس وفي حديث جابر أن لقط الحصى يكون للحصى التي تستعمل في الخذف يقول - صلى الله عليه وسلم -: (كحصى الخذف) وحصى الخذف هو الذي كان العرب يخذفون به غيرهم بالأصبع ومقداره هذا المقدار.

واعلم أن هذا التحديد على سبيل الوجوب فإن أخذ أكبر من هذا المقدار بكثير أو أصغر من هذا المقدار بكثير فإنه لا يجوز أن يرمي به لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بهذا الحجم وحذر من الزيادة عليه. وقال: (إياكم والغلو) وفي هذه الألفاظ دلالة على الوجوب.

واعلم أيضاً أن أخذ الحجر الأكبر أشد من أخذ الحجر الأصغر لأن الحديث أشار إلى الغلو والغلو إشارة إلى الزيادة لا إلى النقص ولأن أكثر مخالفات الناس هي أخذ الحجر الكبير لا بأخذ الحجر الصغير.

لكن على كل حال قد يوجد من الناس من هو متساهل فيأخذ الصغير فالواجب أن يتوسط الإنسان وأن لا يتقعر ويتشدد على نفسه وإنما يأخذ هذا الحجم أو ما هو أصغر منه قليلاً أو أكبر منه قليلاً.

أما أخذ الحجر الكبير فهذا لا يجوز ولا يجزئ وعلى من رمى به أن يرمي مرة أخرى لأنه رمى بحجر لم تتوفر فيه الشروط الشرعية.

-

ثم قال - رحمه الله -:

فإذا وصل إلى منى - وهي من وادي محسر إلى جمرة العقبة - رماها.

في هذه العبارة عدة مسائل:

ـ المسألة الأولى: أن السنة أن الحاج إذا وصل إلى منى أن يبادر بالرمي وأن لا يشتغل بغير الرمي. لأن الرمي هو تحية منى.

- ويدل على ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من منى سلك الطريق التي توصل إلى الكبرى مما يدل على أنه بادر إلى الرمي ولم يشتغل بشيء غير الرمي.

ـ المسألة الثانية: يفهم من قوله: (رماها). أنه إن وضعها وضعاً فإنها لا تجزئ. وهذا صحيح.

- لقول جابر - رضي الله عنه -: (ثم رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة). فقوله: (ثم رماها) يدل على أن الوضع لا يجزئ لأن الرمي في لغة العرب لا يصدق على الوضع، فإذاً يشترط أن يرميها.

<<  <  ج: ص:  >  >>