والراجح مع الجمهور لأن هذه عبادات توقيفية فيجب أن نصير فيها إلى ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلم من سياق الخلاف أن الرمي بما ليس من جنس الأرض لا يجوز بالإجماع. كاللرمي بالخرسانة أو الاسمنت المتحجر ولو كان متحجراً كتحجر الحجر أو أشد فإنه لا يجوز أن يرمى به لأنه ليس من جنس الأرض وإنما هو مصنع فضلاً عن الرمي بالأشياء الأخرى كالرمي بالنعال أو بالأشياء المعدنية المصنعة فهذه بالإجماع لا يجزئ الرمي بها وإذا اعتقد أنه يفعل ذلك تقرباً وتعبداً إلى الله فهو آثم.
إذاً عرفنا: أن الخلاف ينحصر في: ما هو من جنس الأرض. أما ما ليس من جنس الأرض فلا يجزئ الرمي به.
فإن قيل: أنه ثبت أن سكينة بنت الحسين - رضي الله عنها - كانت تتناول الحجر من مولاها وترمي فانتهى الحجر من يده في الخامس أو السادس فأخذت الخاتم ورمت به في المرمى تعبداً لله؟
فالجواب: أن رميها - رضي الله عنها - غير صحيح وأن سكينة عملها لا يحتج به إذ ليست مع فضلها وعظيم قدرها - رضي الله عنها - لا من الفقهاء وهذا العمل لا يستدل به.
ولذلك أعرض الأئمة عن الاستدلال بهذا لأنها ممن يستدل بعملها وإنما هي أرادت - رضي الله عنها - تعظيم شعائر الله وهي مثابة في هذه النية لكن عملها ليس بصحيح وكان عليها أن ترمي بحجر.
إذاً: يبقى أن الراجح أنه لابد من الرمي بحجر.
- ثم قال - رحمه الله -:
ولا بها ثانياً.
يعني لا يجوز للإنسان أن يرمي بالحجر مرة أخرى، وإلى هذا ذهب عدد كبير من الفقهاء أنه لا يجوز أن نرمي بما رمي به من الأحجار.
واستدلوا على هذا:
- بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بلقط الحصى لا أخذه من المرمى.
- الثاني: أن هذا الحجر استعمل في عبادة فلا يستعمل مرة أخرى.
وهذا القول كما قلت لكم مذهب الجمهور واختاره شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله -.
= القول الثاني: جواز الرمي بما رمي به.
- لأنه لا دليل على المنع من الرمي بما رمي به.
- ولأن من رمى بما رمي به يصدق عليه أنه رمى الجمرة بسبع حصيات.
والأحوط والله أعلم أن لا يرمي الإنسان بما رمي به. ويتأكد جداً أن لا يرمي الإنسان بما رمي به. أن لا يأخذ من المرمى.