أما إذا أخذ من أرض المرمى مما لم يرم به فلا حرج فيه لكن أن يأخذ مما رمي به ففي الحقيقة ينبغي أن لا يصنع فإن صنع فالأحوط أن يعيد.
- ثم قال - رحمه الله -:
ولا يقف.
يعني: أنه لا يسن للإنسان أن يقف بعد أن يرمي جمرة العقبة.
- لأنه صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقف وإنما رمى ثم انصرف إلى المنحر.
- ثم قال - رحمه الله -:
ويقطع التلبية قبلها.
يعني: أن السنة أن الإنسان يقطع التلبية إذا أراد أن يرمي جمرة العقبة.
- لما صح عن ابن عباس أنه قال: لم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
وهذا لا إشكال فيه.
لكن اختلفوا في: هل يقطع التلبية مع أول حجر أو يستمر إلى أن ينهي الرمي؟
فيه خلاف:
على قولين في مذهب أحمد وغيره:
= فالقول الأول: أنه يقطع التلبية مع أول حجر.
واستدلوا بدليلين:
- الدليل الأول: أنه بعد بدء الحاج برمي الحجر سينشغل بالتكبير عن التلبية. لأنه ثبت في مسلم أنه كان يكبر مع كل حصاة.
- الدليل الثاني: أنه حنبل - عم الإمام أحمد - أخرج في كتابه رواية لحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى رمى أول حجر.
= والقول الثاني: أنه لا يقطع التلبية إلا بعد أن ينهي الرمي تماماً.
والأقرب والله أعلم القول الأول لظاهر النص الذي استدلوا به وللتعليل القوي وهو انشغال الحاج بالتكبير.
أما رواية حنبل فالغالب عليها الضعف. لأن عند ابن رجب قاعدة مفيدة لطالب العلم - وهي عنده وعند غيره لكنه - رحمه الله -: (قررها في شرح العلل: (أن الأحاديث التي أعرض عنها أصحاب الكتب المشهورة كالكتب الستة أو التسعة أنه يغلب عليها الغرائب والموضوعات والضعاف والمعضلات) فينبغي أن لا يفرح الإنسان إذا وجد حديثاً ليس في الكتب التسعة لأنه يغلب عليه أنه حديث ضعيف أعرض عنه الأئمة لضعفه ولذلك تجد بعض المحققين من أهل العلم كشيخ الاسلام وابن القيم أحياناً يستدلون على الإعراض عن الحديث بقولهم: وهذا الحديث لم يخرجه أحمد في مسنده مع أنه أخرج عدداً كبيراً من الأحاديث.
فهذه القاعدة مفيدة جداً ولو رجع الإنسان إلى شرح علل ابن رجب ليقرأ تقرير هذه القاعدة فسيجد فيه فوائد كبيرة.