- ثم قال - رحمه الله -:
ويرمي بعد طلوع الشمس، ويجزئ بعد نصف الليل.
المؤلف - رحمه الله - يريد أن يبين بهذه العبارة متى يبدأ وقت الجواز في الرمي ومتى يبدأ وقت الفضيلة.
فنقول: الرمي بعد طلوع الشمس: صحيح بإجماع أهل العلم فمن رمى بعد طلوع الشمس فقد وافق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورميه صحيح بالإجماع.
ـ المسألة الثانية: متى يبدأ وقت جواز الرمي.
في هذه المسألة خلاف بين أهل العلم. وقد اختلفوا فيها على قولين:
= القول الأول: أن وقت جواز الرمي يبدأ بعد منتصف الليل.
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة:
- منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لأم سلمة وأمرها أن تخرج فخرجت ورمت قبل طلوع الفجر. وَنُصَّ في الحديث على هذا أنها رمت قبل طلوع الفجر.
والجواب على هذا الحديث أنه حديث ضعيف لا يثبت.
- الثاني: استدلوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في حديث ابن عباس في البخاري ومسلم للضعفة في الخروج بليل. وإنما فائدة الخروج الرمي.
= والقول الثاني: أنه لا يجوز للأقوياء أن يرموا إلا بعد طلوع الشمس ويجوز للضعفاء أن يرموا بعد منتصف الليل أو بعد غروب القمر. (إما بعد منتصف الليل أو بعد غروب القمر).
واستدل أصحاب هذا القول:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف في المشعر الحرام ولم يخرج إلا قبيل الإشراق ولم يرم إلا بعد طلوع الشمس.
- وأنه إنما أذن للضعفة فقط دون الأقوياء في الخروج والرمي.
- واستدلوا أيضاً: بأن ابن عمر - رضي الله عنه - صح عنه أنه نهى عن الرمي قبل طلوع الشمس.
والأقرب والله أعلم هو هذا القول: أنه لا يجوز الرمي للأقوياء إلا بعد طلوع الشمس. ويجوز للضعفاء بعد منتصف الليل أو بعد غروب القمر. ومنتصف الليل هو منتصف الليل وغروب القمر يكون في أول الثلث الأخير.
إذاً الفرق بين منتصف الليل وغروب القمر وقته يسير فإن بينهما فرقاً ولكنه فرق يسير. فهذا نصف الليل وهذا أول الثلث الأخير من الليل.
- ثم قال - رحمه الله -:
ثم ينحر هدياً: إن كان معه.
يعني: أن السنة بعد الرمي أن يبادر بالنحر.