- ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سعى ذهب إلى زمزم وشرب - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا هو الموضع الثاني في حديث جابر فيه الشرب من ماء زمزم. وهو الموضع الوحيد الموجود في صحيح مسلم، وأخرج الإمام أحمد - رحمه الله - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طاف طواف القدوم وقبل أن يسعى ذهب إلى زمزم وشرب منها، إذاً في حديث جابر الشرب من زمزم مرتين. الثاني منهما ثابت في مسلم والأول منهما لم يخرجه مسلم وهو ثابت في مسند الإمام أحمد فقط، الأول منهما: الأظهر والله أعلم أنه شاذ لأنه تفرد به رجل وصف بأنه يهم أحياناً. فليس من السنة بعد طواف القدوم سواء كان هذا الطواف لطواف العمرة أو لطواف القدوم بالنسبة للمفرد والقارن ليس من السنة أن يذهب ويشرب من زمزم إنما السنة أنه إذا طاف يوم العيد يعني بعد طواف وسعي الحج يذهب إلى زمزم ويشرب منه كما ثبت في الحديث الصحيح.
إذاً الموضع الأول ليس من السنة.
- ثم قال - رحمه الله -:
لما أحب.
يعني أنه يستحب للإنسان حال شرب زمزم أن ينوي به تحقيق ما أحب.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس - رضي الله عنه -: (ماء زمزم لما شرب له).
هذا الحديث عامة المتأخرين على تصحيحه فحسنه الحافظ بن حجر وظاهر عبارة الحافظ ابن القيم أيضاً تحسينه ونقل بعضهم تصحيح ابن عيينة له. فإن كان ابن عيينة صححه فإليه المنتهى في التصحيح وهو إمام من أئمة العلل ومن أئمة أهل الحديث فإذا صححه فإليه المنتهى، وعلى كل حال هذا الحديث إن شاء الله ثابت يعني: صححوه ونقل تصحيحه عن ابن عيينة فهو إن شاء الله ثابت.
فالأحسن أن الإنسان إذا أراد أن يشرب أن يشرب زمزم بنية تحقيق ما يحب، ويستحب أن ينوي أمراً من أمور الآخرة وأن لا ينويً من أمور الدنيا لأن الاشتغال بتحقيق مصالح الآخرة أنفع للعبد من الاشتغال بتحقيق مصالح الدنيا.
-
ثم قال - رحمه الله -:
ويتضلع منه.
يعني: ويستحب إذا شرب من ماء زمزم أن يشرب إلى أن يتضلع أي إلى أن يمتلئ ما بين أضلاعه من ماء زمزم.