واستدلوا على سنية أن يشرب هذه الكمية ولو لم يكن بحاجة إليها:
- بحديث ابن عباس أن آية ما بيننا وبين المنافقين أنا نتضلع من زمزم.
وهذا الحديث حديث ضعيف ولا يثبت مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فالأقرب والله أعلم أن هذا لا يسن. بل إذا أتى الإنسان إلى زمزم فإنه يشرب قدر حاجته ويكتفي، وهذا كما أنه لا دليل عليه أيضاً هو ظاهر السنة فإن المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استقي له من ماء زمزم فأخذه وشربه ولم يشر لا جابر ولا غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تقصد هذه القضية وهو أن يملأ ما بين أضلاعه من الماء ولو لم يكن بحاجة إلى شرب هذا الماء، فالأصل والسنة أن يشرب الإنسان على طبيعته وليس من السنة أن يتضلع منه.
- ثم قال - رحمه الله -:
ويدعو بما ورد.
روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كل داء) لكن هذا الحديث روي من حديث ابن عباس وهو حديث ضعيف. لكن لعله يصح موقوفاً. وأنا لم أنظر في الإسناد موقوفاً أما مرفوعاً فلا إشكال أنه لا يصح مرفوعاً لكنه قد يصح موقوفاً.
وفي هذا الحديث إشارة إلى أن ماء زمزم يستعمل في الشفاء في قوله:(وشفاء من كل داء).
ففي هذا الأثر إشارة إلى استخدام ماء زمزم صرفاً في الدواء أو ممزوجاً مع غيره أمر له أصل في السنة. بالإضافة إلى ما وصفت به هذه العين من البركة.
- ثم قال - رحمه الله -:
ثم يرجع فيبيت بمنى ثلاث ليال.
المبيت بمنى ثلاث ليال مسنون ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واختلفوا في حكمه:
والخلاف إنما هو في المبيت: في الليلة الأولى والثانية أما الليلة الثالثة فبالإجماع المبيت فيها سنة إن شاء الإنسان أن يتأخر بات فيها وحقق السنة وإن شاء أن يتعجل فلا حرج عليه، إذاً الخلاف في المبيت ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر.
= فذهب الجماهير وأكثر أهل العلم إلى أن المبيت في منى ليالي التشريق واجب من واجبات الحج الذي يجبر بالدم إذا ترك - كما سيأتينا تفصيل متى يجبر بالدم في كلام المؤلف - رحمه الله -.