ولو لم يأت استقبال القبلة في حديث ابن عمر لكانت السنة الواضحة أن يستقبل القبلة لأنه من قواعد الشرع فإن من آداب الدعاء العامة استقبال القبلة وهذا يتناول الدعاء بعد رمي الأولى والوسطى ويدخل في عموم نصوصه.
- ثم قال - رحمه الله -:
مُرَتِّبَاً.
يعني: أنه يشترط لصحة الرمي أن يبدأ بالصغرى ثم يثني بالوسطى ثم ينتهي بالكبرى.
فإن أخل بهذا الترتيب فإن الرمي لا يصح وعليه أن يستدرك الترتيب.
فإذا عكس مثلاً وبدأ بالكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى فعليه أن يرمي مرة أخرى الوسطى ثم الكبرى ليكون الترتيب منسجماً مع ما صنع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
واستدل: = الجماهير من أهل العلم على وجوب الترتيب:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى مرتباً وقال:(خذوا عني مناسككم). فهذه عبادة جاءت على صفة معينة لا يجوز الخروج عنها.
= والقول الثاني: أن الترتيب سنة فإذا رمى الوسطى ثم الصغرى ثم الكبرى أو الكبرى ثم الصغرى ثم الوسطى أو بأي ترتيب شاء فإنه لا حرج عليه ورميه صحيح.
واستدل هؤلاء بدليلين:
- الدليل الأول: أن المقصود رمي الجمار الثلاث وهذا حصل.
- الدليل الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(افعل ولا حرج) فيما قدم وأخر يوم النحر. فدل على أن التقديم والتأخير في مناسك الحج لا حرج فيه.
والجواب على الاستدلال (بإفعل ولا حرج): أنه استدلال ضعيف جداً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز التقديم والتأخير في المناسك التي هي عبادة مستقلة: النحر عبادة مستقلة والحلق عبادة مستقلة والرمي عبادة مستقلة فلا بأس في التقديم والتأخير بين هذه العبادات المنفصلة أما العبادة الواحدة فإنه لا يجوز الإخلال بالترتيب فيها كما في الرمي.
والقول بأن الترتيب سنة مذهب الأحناف وهو غاية في الضعف والبعد عن النصوص التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يدل على عنايته بالترتيب، والكيفية التي جاءت في البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنه - تدل دلالة واضحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن تؤدى العبادة على هذه الصفة: نعم الوقوف للدعاء وأخذ ذات اليمين ليس بواجب لأن هذا محل إجماع.