للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن لا يعنينا هذا مطلقاً: لأن الجميع متفق على أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن لهم بأن يؤخروا رمي يوم إلى الذي [يليه] سواء المؤخر الحادي عشر أو الثاني عشر فهذا لا يشكل قضية في جواز التأخير.

= والقول الثاني: أنه لا يجوز تأخير رمي يوم إلى الذي يليه. فإن فعل فقد أخل بواجب وهو تخصيص الرمي بيومه.

واستدل هؤلاء:

- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للسقاة والرعاة والرخصة يعبر بها في مقابل العزيمة. فدل على أن غير هؤلاء المعذورين لا يوجد لهم رخصة وإنما الرخصة لهؤلاء الصنف فقط. والباقي عزيمة وهي أن يأتي برمي كل يوم في يومه.

= والقول الثالث: أن رمي جمرة العقبة لابد أن يكون في يومه ويجوز تأخير بعض أيام التشريق إلى بعض.

واستدل هؤلاء:

- بالحديث فقالوا: في الحديث قوله: (إذا هم رموا جمرة العقبة أن يرموا من بعد غد لغد وما بعده) فنص الحديث على أنهم إذا رموا جمرة العقبة لهم أن يؤخروا رمي غد إلى ما بعده. فقالوا: إذاً العقبة لا تؤخر وما بعدها من الأيام يجوز أن يؤخر الإنسان رمي يوم إلى ما يليه.

والراجح والله أعلم أنه لا يجوز تأخير رمي يوم إلى رمي اليوم الذي بعده. إلا لمعذور. فإذا كان الإنسان معذوراً جاز له أن يؤخر رمي يوم إلى يوم آخر.

وهذا العذر الذي يجوز تأخير الرمي فيه: لا يشترط فيه أن يكون لمصلحة عامة بل ولو كان لمصلحة خاصة، فالمصلحة العامة مثل من أذن لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الرعاة والسقاة فهؤلاء يقومون على خدمة الناس، والمصلحة الخاصة مثل أن يكون الإنسان مريضاً أو كبيراً أو معه عائلة كثيرة ويسكن في آخر منى أو يشق عليه المجيء لرمي كل يوم في يومه لأي سبب من الأسباب.

إذاً سواء كان العذر خاصاً أو عاماً. ولا يشترط أن يكون العذر عاماً. وإلى هذا ذهب - أي: أن لا يشترط أن يكون العذر عاماً - ذهب عدد من الصحابة منهم ابن عمر - رضي الله عنه - وهو ظاهر اختيار ابن القيم. وهو ظاهر فتاوى الإمام أحمد: أن العذر الذي يرخص فيه عام لا يتعلق بخدمة الحجيج العامة وإنما يتعلق به وبغيره من الأعذار الخاصة.

- ثم قال - رحمه الله -:

ويرتبه بنيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>