والراجح: أن الدم لا يجب إلا إذا ترك نسكاً كاملاً: مبيت بمزدلفة أو الرمي أو رمي جمرة كاملة أو المبيت جميع الليالي أو الحلق والتقصير جملة. فالمهم أن يترك نسكاً كاملاً، وهذا القول وسط بين من يتوسع في الدماء وبين من يضيق في الدماء حتى لا يوجب الدم إلا في أشياء مخصوصة فقط.
-
ثم قال - رحمه الله -:
أو سنة: فلا شيء عليه.
إذا ترك سنة من سنن الحج فلا شيء عليه ولا حرج. لكن الحج ناقص النقص الفاضل فليس بحج تام التمام الكامل، وإن كان الحج تاماً من حيث تمام الوجوب لكنه ليس بتام من حيث تمام الأفضلية فهو ناقص بلا إشكال وينبغي أن يراعي الإنسان هذا. أن من ترك سنة من سنن الحج فإنه الحج ناقص الكمال، وبهذا انتهى الكلام عن السنن والأركان والواجبات وما يترتب على ترك كل واحد منها.
* * مسألة / لم نتكلم عن الرمي في الليل:
اختلف أهل العلم في حكم الرمي في الليل على قولين:
= القول الأول: وهو للجمهور أنه لا يجوز أن يرمي بالليل بل ينتهي وقت الرمي يوم رمي جمرة العقبة وأيام التشريق بغروب الشمس.
واستدلوا على هذا:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرم في الليل.
- وبأن اليوم ينتهي بغروب الشمس. والرمي يتعلق باليوم.
- واستدلوا أيضاً بأن الليالي شرعاً ولغة تتبع اليوم القادم لا اليوم الفائت.
= والقول الثاني: أن الرمي ليلاً جائز.
واستدلوا:
- بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له السائل: رميت بعدما أمسيت فقال افعل ولا حرج والمساء في لغة العرب يطلق من بعد الزوال إلى غروب الشمس في قول، وإلى منتصف الليل في قول آخر.
- واستدلوا أيضاً: - بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للرعاة بالرمي ليلاً.
والجواب على الدليلين:
ـ أما الأول: فسؤال السائل عن الرمي حين قال: (رميت بعدما أمسيت) كان ضحى الرمي يوم العيد أن هذه الأسئلة كانت في الضحى. فلا شك أنه رمى بعد الزوال وقبل الغروب وسكاه مساء لأن هذا يسمى مساء في لغة العرب فلم يرم في الليل، فإذاً أجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على السؤال على مقتضى الحال وهو أنه رمى نهاراً.