- والدليل الثاني: الإجماع على أنه إذا طلع الفجر ولم يقف بعرفة فقد فات الحج.
إذاً عرفنا الآن من قوله: (من فاته الوقوف: فاته الحج) متى يفوت الوقوف وماذا يترتب على فوات الوقوف وهو: فوات الحج.
- ثم قال - رحمه الله -:
وتحلل بعمرة.
إذا فاته الوقوف بعرفة تحلل بعمرة، وهذه العمرة:
= على المذهب: عمرة مقصودة صحيحة.
واستدلوا على ذلك:
- بأنه صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أفتى رجلاً فاته الوقوف بعرفة بأن يتحلل بعمرة ويذبح ما استيسر من الهدي ويحج من العام القادم.
- وأفتى عمر - رضي الله عنه - أبا أيوب الأنصاري بأن يصنع ما يصنع المعتمر.
= والقول الثاني: أن من فاته الحج يتحلل بأعمال العمرة لا بعمرة مقصودة فسخ الحج إليها، أي أن نسكه لم ينقلب من الحج إلى العمرة وإنما تحلل بهذه الأعمال التي تشبه أعمال العمرة.
واستدل هؤلاء:
- بقول عمر لأبي أيوب اصنع ما أنت صانع في عمرتك. فإذاً هي أعمال تشبه أعمال العمرة وليست عمرة.
والراجح مذهب الحنابلة وهو أن إحرام الحج يصبح عمرة، والجواب على أثر عمر أن قوله (اصنع ما أنت صانع في عمرتك) لا يعني أنها هذا النسك ليس بعمرة كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة اصنعي ما يصنع الحاج ولا يعني هذا أنها لم تحج تماماً، إذاً هذه العبارة لا يقصد منها أنها أعمال عمرة وليست بعمرة.
* * مسألة / وهذه العمرة = عند الحنابلة لا تجزئ عن عمرة الإسلام.
- لأنه لم ينوها في أول الإحرام وإنما قلب النسك إليها.
- والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنما الأعمال بالنيات).
فعليه أن يأتي بعمرة أخرى لعمرة الإسلام.
= والقول الثاني: أن هذه العمرة تجزئ عن عمرة الإسلام.
- لأن الصحابة عمر وغيره سموها عمرة. والأصل في الإطلاق صحة المدلول الشرعي، فإذا سماها أمير المؤمنين (عمرة) فهي عمرة والعمرة الأصل فيها أنها تجزئ عن عمرة الإسلام، كما أن من أهل بالحج مفرداً ثم أدخل عليه العمرة فأدخل نسك العمرة على نسك الحج كما تقدم معنا وهو الصورة الثالثة من صور القران تجزئ عنه هذه العمرة عن عمرة الإسلام وهو لم ينوها في أول النسك وإنما نواها بعد ذلك.