هذا القول الأخير هو الراجح إن شاء الله.
- ثم قال - رحمه الله -:
ويقضي.
يعني: يجب على من فاته الحج وتحلل بعمرة أن يقضي من السنة القادمة وجوباً، فإن كان هذا الحج حج الفريضة وجب عليه أن يقضي. لأنه يجب أن يقضي هذا الفائت ولأن الحج أصلاً واجب في ذمته، ولا إشكال فيمن كان حجه الذي فات حج فريضة، وإن كان حج تطوع فكذلك
= عند الحنابلة يجب عليه أن يقضيه. وإلى هذا ذهب الجمهور وهو وجوب القضاء في الفوات.
واستدلوا بأدلة:
- الدليل الأول: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من لم يدرك فعليه دم وأن يتحلل بعمرة والحج من قابل).
هذا الحديث من مراسيل عطاء. فهو لم يثبت مرفوعاً لكن مع ذلك هذا المرسل حجه باتفاق الأئمة الأربعة لأنه احتفت به قرائن تقويه:
القرينة الأولى: أنه من مراسيل عطاء وهو أفقه التابعين بالمناسك فهذا يقويه.
ثانياً: أنه أفتى على وفق هذا الحديث المرسل ستة من الصحابة صح عنهم الإفتاء بما يوافق مرسل عطاء.
الثالث: أن هذا المرسل يتأيد بظاهر القرآن كما سيأتينا في دليل مستقل.
والمرسل إذا تأيد يمثل هذه الأمور صار حجة باتفاق الأئمة.
- الدليل الثاني: أن هذا مروي عن ستة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- الدليل الثالث: أن هذا ظاهر القرآن في قوله تعالى: - (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) -[البقرة/١٩٦] وجه أن ظاهر القرآن يؤيد هذا القول: أن الله أمر بأحد أمرين:
- إما إتمام النسك.
- أو الوقوع في الإحصار. بقي الفوات فيجب أن يتم وإذا أتمم لم يمكن أن يتم إلا بأن يأتي به في السنة القادمة.
وهذا صحيح، يعني: أن ظاهر القرآن يؤيد الوجوب.
= القول الثاني: أنه لا يجب على الإنسان أن يقضي هذا الحج الفائت.
واستدلوا على هذا بأمرين:
- الأمر الأول: ليس في السنة الصحيحة ما يدل على وجوب قضاء الحج الفائت بل في السنة الصحيحة ما يشير إلى عدم الوجوب وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الحج مرة فما زاد فهو تطوع) ولو أوجبنا قضاء الحج الفائت لأوجبنا أكثر من حج.