- قوله تعالى:{فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى}[النساء/٩٥]. فالآية صريحة بأنه فضل المجاهدين لكن الكل موعود إن شاء الله بالحسنى.
وهذا نص بأن الجهاد فرض كفاية.
ثم لما بين المؤلف - رحمه الله - أن الجهاد فرض كفاية انتقل للصور التي يكون فيها الجهاد فرض عين:
- فقال - رحمه الله -:
ويجب إذا حضره.
هناك صور ذكرها الفقهاء يكون الجهاد فيها فرض عين:
ـ الصورة الأولى: إذا حضر الصف وأوشكوا على البدء بالقتال فحينئذ يحرم الانصراف وهو من كبائر الذنوب:
- وقد أجمع على هذا أهل العلم.
- وفي الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل التولي يوم الزحف من السبع الموبقات.
- ويدل عليه قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار}[الأنفال/١٥].
فدل على تحريم الإنصراف في المصافة: الكتاب والسنة والإجماع.
وإنما شدد الشارع فيه لأن فيه فتاً في عضد المجاهدين وتخذيلاً لهم، إلا أنه يجوز الانصراف عن الصف في ثلاث صور:
- الصورة الأولى: أن ينصرف متحرفاً لقتال. ومعنى ذلك: أن ينسحب عن صف المعركة ليرجع باستعداد أو بطريقة أخرى تكون أنكى في العدو. فإذا خرج ليعود فلا بأس.
- الصورة الثانية: أن يتحيز إلى فئة. أي يخرج من الصف لينظم إلى فئة أخرى إما لضعفها أو لتكالب الأعداء عليها أو لأي سبب أو لأمر الأمير - القائد للجيش - أو لأي سبب.
- الصورة الثالثة: يجوز له أن ينصرف إذا قابله من العدو ثلاثة فأكثر. وما دون ذلك فإنه لا يجوز أن ينصرف، وفهم من كلام الفقهاء أنه لا يجوز الانصراف عن واحد ولا عن اثنين مهما بلغت القوة فيهما أو فيه، وليس من مسوغات الانصراف قوة الخصم أثناء المبارزة.