والمرجع في الخراج والجزية: إلى اجتهاد الإمام.
يعني: والمرجع في تقدير قيمة الخراج والجزية يرجع فيها إلى الإمام ولا يلزم أن نبقى على التقدير الذي قدره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. بل للإمام أن يزيد عن تقدير أمير المؤمنين أو ينقص ولا يعتبر التقدير الذي قاله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقفاً لا يجوز الزيادة ولا النقص عليه.
والدليل على ذلك:
- أن تقدير الجزية والخراج مما يرجع فيه للإمام لأنه يتعلق بالمصالح العامة وهي تختلف باختلاف الأماكن والأزمان فما يصلح في وقت وفي أرض فقد لا يصلح في وقت وأرض آخرين.
ولذلك نقول هذا هو الصواب. وهو: أنه يرجع إلى تقدير الإمام الذي باشر القضية ولا نلتزم بتقدير عمر - رضي الله عنه -.
لكن بالنسبة للأراضي التي قدر فيها عمر - رضي الله عنه - الجزية أو الخراج وكذلك بالنسبة للأراضي التي فتحها إمام من أئمة المسلمين وقدر فيها خارجاً معيناً وجزية معينةً فلا يجوز في هاتين الصورتين العدول عن تقدير الإمام لأن هذا تقديراً مؤبداً ثابتاً لا يجوز تغييره.
لكن ما يفتح من الأراضي فنحن لا نلتزم بتقدير أمير المؤمنين عمر بل للإمام أن يتخير مبلغاً معيناً يرى أنه أنسب.
وقبل أن ننتقل فقد نسينا القسم الثاني:
ـ القسم الثاني: ما فتح صلحاً.
وهو القسم الذي لم يذكره المؤلف - رحمه الله -.
وما فتح صلحاً ينقسم إلى قسمين:
ـ القسم الأول: أن يصالح الكفار عليه على أن يبقى في أيديهم وهو ملك للمسلمين، فهذا حكمه حكم الأراضي التي فتحت عنوة تماماً. فيكون وقفاً مستمراً كالأجرة على هذه الأرض، فإن أسلم الذين فتحت أرضهم صلحاً بقيت الأجرة. وإن انتقلت الأرض إلى مسلم بقيت الأجرة.
ـ القسم الثاني: ما صولحوا عليه على أنه لهم، فهذا:
- حكم الأرض: أنها ملك لأهلها تباع وتوهب وتورث.
- وحكم ما يؤخذ منها: حكم الجزية. فيسقط إذا أسلم أهل الأرض أو انتقلت إلى مسلم.