ألاحظ الآن أن مسألة الاحتياط في مسائل الخلاف أصبحت ملغاة مع أن أكثر الذين ألفوا في القواعد الفقهية ذكروا من القواعد الفقهية أن مراعاة الخلاف أمر مطلوب.
فإذاً نحن نقول هذا الماء ليس بمكروه لأن الكراهة حكم شرعي تحتاج إلى دليل ومجرد وجود الخلاف ليس دليلاً شرعياً.
لكن مع ذلك ينبغي لطالب العلم أن يستشعر أن المسألة إذا كان فيها خلاف لاسيما إذا كان الخلاف قوياً فينبغي أن يحتاط فيها الإنسان احتياطاً واضحاً.
فبعض المسائل يكون الخلاف فيها قوي جداً إلى درجة أن عدداً من أهل العلم يتوقف في الترجيح وفي الإفتاء.
مثال ذلك: مسائل طلاق الثلاث والطلاق في الحيض مسائل مشكلة جداً وغاية في الإشكال حتى كان الإمام أحمد لا يمكن أن يفتي في مسائل الطلاق بالثلاث أو في حيض وإذا طالع الإنسان الخلاف عرف أن الخلاف قوي.
المقصود الآن أن مراعاة الخلاف أمر طيب من طالب العلم على سبيل الورع والاحتياط.
• قال - رحمه الله -:
أو سخن بنجس
إذا سخن الماء بنجاسة فإن الحنابلة يعتبرونه طهور ولكنه مكروه فنحتاج أيضاً إلى الجواب على السؤالين:
١. لماذا بقي طهوراً؟
٢. ولماذا هو مكروه؟
أما الجواب على أنه لماذا بقي طهوراً فلنفس السبب الأول وهو أن التغير هنا بمجاورة.
وأما لماذا كره؟ قالوا: لأنه لا يؤمن أن تنتقل إليه أجزاء من الدخان المنبعث من النجاسة فلأجل هذا الأمر جعلوه مكروهاً.
عرفنا من هذا التقرير للحنابلة أن الإناء إذا كان محكم الإغلاق لا يصبح بعد ذلك مكروهاً لأنا نأمن من وصول الدخان إليه - مع ذلك قسم كبير من الحنابلة يرون أنه مكروه ولو كان محكم الإغلاق.