فنتج عن هاتين المقدمتين وجوب إقامة الحد عليهم.
* * مسألة / يؤاخذون وتقام عليهم الحدود فيما يرون تحريمه ولو لم يترتب عليه حد في دينهم وإنما يكتفى بأنه محرم في دينهم ولا يشترط أن يضاف مع ذلك أن يرتب عليه حد في دينهم. فقط إذا كان محرماً فإنه تقام عليهم الحدود.
- ثم قال - رحمه الله -:
دون ما يعتقدون حلّه.
الأعمال التي يعتقدون أنها حلال لا تقام عليهم فيها الحدود.
مثال ذلك:
ـ شرب الخمر. فهو ليس بمحرم عندهم.
ـ وأكل الخنزير. فهو ليس بمحرم عندهم.
ـ ونكاح المحارم عند المجوس. لأنه ليس بمحرم في دينهم.
فهذه الأعمال التي يرون هم أنها مباحة لا تقام عليهم فيها الحدود ولو كانت محرمة في شرعنا.
والدليل على هذا:
- أن أهل الكتاب يقرون على كفرهم وهو أعظم من هذه الأعمال فإذا أقروا على الكفر فهو أعظم معصية فمن باب أولى أن يقرون على الأعمال التي هم يرون أنها مباحة ونحن نرى أنها محرمة، لكن اشترط الفقهاء لذلك: أن لا يظهروا هذه الأعمال. فإن أظهروها كما سيأتينا: انتقض عهدهم، فيجب أن يسروا ويكتموا شرب الخمور وأكل الخنازير ونكاح المحارم فإن أظهروه عاقبناهم بنقض العهد.
-
ثم قال - رحمه الله -:
ويُلزمهم التّميز عن المسلمين.
يجب وجوباً على الإمام أن يلزم اهل الذمة بالتميز عن المسلمين.
والتميز يحصل بأربعة أمور:
- الأمر الأول: وهو الأهم بلباسهم.
فيجب أن يلزموا بلباس يخالف لباس المسلمين لا سيما من حيث اللون بحيث إذا رآهم الإنسان عرف أنهم من أهل الذمة.
- والأمر الثاني: بشعورهم.
فيجب أن يمنعوا من الفرق لأنه سنة المسلمين وأن تجز نواصيهم ليعرف أنهم من أهل الذمة.
- والأمر الثالث: بركوبهم.
والركوب فَصَّلَ فيه المؤلف - رحمه الله - لأنه من أشهر العلامات التي يعرف فيها أنه من أهل الذمة.
- والأمر الرابع: بكناهم.
فإنه لا يجوز أن يمكنوا من التكني بكنى المسلمين فلا يسمى أحدهم أبو عبد الله ولا أبو عبد الرحمن ولا أبو محمد ولا غيرها مما يختص به المسلمون. ولا بالألقاب العلمية التي اختص بها المسلمون مثل: نور الدين. وتقي الدين .... وإلى آخره. إذا قيل: أن التسمي بهذه الألقاب جائز.