- والأمر الثاني: أن يدخلوا تحت أحكام الملة. فدخولهم تحت أحكام ملة غير ملتهم هو بحد ذاته صغار.
والمنصف إذا تأمل القولين وجد أن القول الثاني ينسجم مع آثار الصحابة ولو كانت هذه التفصيلات التي ذكرها الفقهاء تفعل في القرن الأول والثاني والثالث لنقلت إلينا لأنه شيء غريب يستحق النقل.
ولذلك الراجح القول الثاني وهو اختيار الحافظ ابن القيم - رحمه الله.
(فصل)
- قال - رحمه الله -:
(فصل) ويلزم الإمام: أخذهم بحكم الإسلام.
تقدم معنا أنه يحرم عقد الذمة إلا بشرطين:
ـ الأول: بذل الجزية.
ـ والثاني: الدخول تحت أحكام الإسلام.
فهذا معنى قول المؤلف - رحمه الله - هنا (فصل يلزم الإمام أخذهم بحكم الإسلام).
والمراد بالحكم هنا: أن يلزموا بأحكام العقود والجنايات والإتلافات والحدود فيما يحرم عليهم كما سيأتينا إذاً يلزمون بأحكام الإسلام ويلزمون أيضاً بدفع الجزية.
ولما ذكر المؤلف - رحمه الله - هذه القاعدة العامة وهي: إلزام أهل الكتاب بدفع الجزية ذكر التفصيل:
- فقال - رحمه الله -:
ويلزم الإمام: أخذهم بحكم الإسلام في النفس والمال والعرض.
يلزم أن نأخذهم بحكم الإسلام بهذه الأمور:
- النفس.
- والمال.
- والعرض.
بدليل:
- أن يهودياً قتل جارية على أوضاح لها فقتله النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقد أقام عليه الحد وأخذه بحكم الإسلام - صلى الله عليه وسلم -.
- والدليل الثاني: أن رجلاً وامرأة من أهل الكتاب زنيا فأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهما الحد.
وهذه الأحاديث في الصحيح فلا إشكال في ثبوتها، ففي هذه الأحاديث دليل على أن أحكام الإسلام تجري عليهم لكن بالقيد الذي سيذكره المؤلف - رحمه الله - لاحقاً وهو أنه يكون من الأعمال التي يرون هم تحريمها في ملتهم.
- يقول - رحمه الله -:
وإقامة الحدود عليهم: فيما يعتقدون تحريمه.
ما يعتقدون تحريمه يجب أن نقيم عليهم فيه الحد مثل: - الزنا. فهو محرم في كل ملة. - والقتل: وهو كذلك. - والقذف: وهو كذلك. فهذه الأشياء التي هي محرمة في دين أهل الكتاب نأخذهم بها.
والدليل على أنه يجب أن نأخذهم بها:
- أنهم يقرون بتحريمها. وقد التزموا حكم الإسلام.