للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ولأن الحديث إنما ورد على سبب وهو قول اليهود: (السام عليكم).

وإلى هذا القول ذهب ابن القيم وانتصر له وهو أنه لا يجب دائماً أن نقول: (وعليكم) بل يجوز أن نقول: (وعليكم السلام) إذا علمنا أنهم سلموا سلاماً خالياً من الإساءة.

أي القولين أرجح؟

الذي يظهر لي بعد التأمل - والمسألة تحتمل - يظهر لي أن المذهب أصح. لأنه وإن كان فتوى النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجت مخرجاً مترتباً على علة وهي قول اليهودي إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وكم من فتوى من النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجت بسبب وتعاملنا معها تعاملاً عاماً، مع ذلك ما ذكره ابن القيم وجيه وخلاف قوي فمن أخذ بهذا أو بهذا فهو في سعة وأنا أرى أنه ما يزيد على قوله: (وعليكم) كما أن في هذا مصلحة وهي: تربية الإنسان على معاملة غير المسلم بما يستحق وفيه تربية على مسألة الوقوف مع النص.

- ثم قال - رحمه الله -:

ويمنعون: من إحداث كنائس وبيع.

لا يجوز تمكين أهل الذمة من بناء الكنائس، وعلى القول بأن عقد الذمة يجوز لكل الكفار فلا يجوز لأي كافر أن يمكن من إقامة بيت للعبادة.

والدليل: من ثلاثة أوجه:

- الأول: الإجماع. فهذا محل إجماع: أنهم لا يمكنون من إقامة كنائس مهما كان السبب.

- الثاني: أن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - شرط عليهم أن لا يحدثوا كنيسة.

- الثالث: أن في تمكينهم من بناء الكنائس إظهار لشعائر الكفر بعد أن لم تكن وليست داخلة في العقد - يعني: في عقد الذمة.

وهذه الثلاث أدلة: الإجماع وغيره من أقوى الأدلة على منع مسألة إقامة إحداث كنيسة جديدة.

نأتي إلى المسألة الثانية: وهي إذا كانت الكنيسة موجودة ثم انهدمت:

- قال - رحمه الله -:

وبناء ما انهدم منها ولو ظلماً.

ويمنعون من بناء ما انهدم منها ولو كان انهدامه على سبيل الظلم.

ولذلك نقول: انهدام الكنائس ينقسم إلى قسمين:

ـ القسم الأول: أن ينهدم بنفسه. فإذا انهدمت الكنيسة بنفسها فإنه لا يجوز إعادة إعمارها.

بدليل:

- أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شرط عليهم أن يجددوا ما خرب من كنائسهم.

ـ والقسم الثاني: ما انهدم ظلماً بأن اعتدي على الكنيسة وهدمت:

= فالمذهب: كذلك لا تجدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>