وإذا باع من الصبرة كل قفيز بدرهم: لم يصح.
لماذا؟
لأن من هذه للتبعيض وهو يقول: كل قفيز من هذه الصبرة بدرهم ونحن لا نعلم هذا المبعض ما مقداره. فهذا وجه الجهالة الذي أبطل العقد لأن هذا المستثنى والمبعض غير معلوم.
فإذا قال البائع للمشتري: هذه صبرة طعام لك منها: كأنه قال: لك بعضها كل قفيز بدرهم. كم المبيع الآن؟ لا يمكن أن يعلم. لماذا؟
لأنه ليست هذه الصبرة المشاهدة كلها مبيعة وإلا لدخلت في المسألة الأولى ولكن بعض هذه الصبرة هو المبيع وهذا البعض مجهول.
= والقول الثاني: أن هذا البيع صحيح وجائز.
- لأن قيمة كل جزء من هذه الصبرة معلوم وبقدر ما يأخذ من الأجزاء ينعقد البيع. والقفيز معلوم. فالمشتري يأخذ من هذه كل قفيز بدرهم فالآن سعر القفيز معلوم وهو الدرهم والكمية معلومة وهي أنه: كل قفيز قل أو كثر.
والذي يظهر والله أعلم: أن هذا صحيح وأن القول الثاني أقوى. لأن الجهالة غير موجودة الآن. فإن كلاً من العوض والمعوض معلوم ويتبين بمجرد الاستلام يعني بمجرد الوزن.
- ثم قال - رحمه الله -:
- أو بمائة درهم إلاّ ديناراً وعكسه.
إذا قال: بعت عليك بمائة دينار إلا درهم. فإن العقد باطل.
أو قال: بعت عليك بمائة درهم إلا ديناراً: فإن العقد باطل.
لأن قيمة الدينار مجهولة واستثناء المجهول من المعلوم يصيره مجهولاً. لأنه كما تقدم لا يمكن أن يعلم المستثنى منه إلا بمعرفة المستثنى والمستثنى مجهول فصار كل من المستثنى والمستثنى منه مجهول.
=والقول الثاني: أن البيع صحيح ويخصم من المائة درهم قيمة الدينار الواحد وقيمة الدينار ليست بمجهولة بل هي معلومة لغالب الناس وإذا كان المستثنى معلوم صار الثمن كله معلوم.
فإذا باع عليه مائة درهم إلا ديناراً وقيمة الدينار عشرة دراهم فالثمن: تسعين. إذاً ليس بمجهول.
والقول الثاني: هو الصواب. ولا شك أن طالب العلم إذا قرأ القول الثاني وتعليل القول الثاني علم أنه إذا قال: بعت عليك بمائة ريال إلا دولار وأنت ما تعرف قيمة الدولار فإن هذا العقد باطل حتى على القول الثاني.
لأن هذا معلوم من التعليل فإذاً إذا كانت العملة المستثناة مجهولة المقدار للبائع أو المشتري فإن الثمن مجهول والعقد باطل.