مقصود المؤلف - رحمه الله - بقوله:(صح في غير الكتابة). يعني: صحت العقود إلا في مسألة البيع والكتابة فإن البيع يبطل والكتابة تصح. خلافاً لظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - فإن المتبادر إلى الذهن إذا قرأ الإنسان هذا أن الكتابة هي التي لا تصح وهو لا يريد هذا وإنما يريد أن العقدين يصحان إلا في صورة البيع والكتابة، فالذي يصح فقط الكتابة دون البيع.
- ثم قال - رحمه الله -:
- ويقسط العوض عليهما.
عندنا الآن: مسألتان:
ـ المسألة الأولى: حكم العقد الذي جمع فيه بين عقدين مختلفي الحد في عوض واحد.
حكمه:
= أنه جائز عند الحنابلة، وصحيح ونافذ.
- لأنه لا محذور فيه.
- ولأنه لا يشتمل لا على غرر ولا على شبهة الربا.
= القول الثاني: أن مثل هذه العقود لا تصح.
- لأنه لا يمكن الجمع بين عقدين وأحكام كل عقد تختلف عن الآخر. فالصرف يشترط له التقابض ولا يشترط هذا في البيع. فكيف نجمع بين عقدين وأحكامهما تختلف؟
أجاب الحنابلة عن هذا: بأن اختلاف حقيقة وأحكام كل عقد لا تمنع من تصحيح العقد. وأي ضرر في اختلاف الأحكام. وما ذكره الحنابلة صحيح ووجيه وقوي، فإنه لا يوجد أي معنى لإبطال مثل هذا العقد ولو اتحد الثمن.
لكن تبقى معنا مشكلة أن الثمن الواحد أطلق على عقدين، فهذه المسألة:
حلها الحنابلة - رحمهم الله - بقولهم هنا:
- ويقسط العوض عليهما.
طريقة التقسيط هنا كطريقته فيما سبق في مسائل تفريق الصفقة.
فإذا اشترى الإنسان بيتاً واستأجر مزرعة بعوض واحد مثلاً: بمائة وخمسين ألف. ثم لما قدرنا قيمة البيت وجدنا أن قيمة البيت ثمانين ألف وقيمة إيجار المزرعة أربعين ألفاً فإذا جمعنا الثمانين مع الأربعين صارت النتيجة مائة وعشرين. وإذا نسبنا قيمة البيت إلى مجموع القيمتين صارت: الثلثان. وقيمة إيجار المزرعة: الثلث. فإذا رجعنا للثمن الذي وقع عليه العقد نقول: ثلثاه للبيت وثلثه للمزرعة، فمائة ألف قيمة بيع البيت وأربعون ألفاً قيمة إيجار المزرعة. وهذا التقسيط بهذه الكيفية فيه عدل وإنصاف وتقسيم للثمن على مقتضى قيمة السلعتين في السوق.
وهذا القول كما قلت لك: هو الراجح. وهذه الطريقة في التقسيم تؤدي إلى وقوع العدل في العقد إن شاء الله.