نعم. هذه مسألة: يقول - رحمه الله -:
ومن باع ربوياً بنسيئة واعتاض عن ثمنه ما لا يباع به نسيئة ... لم يجز. ... وبطل العقد.
صورة هذه المسألة: أن يبيع الإنسان مائة كيلو قمح بعشرة آلاف ريال مؤجلة: عكس السلم.
والمهم عندنا الآن: أن يبيع مائة كيلوا قمح بعشرة آلاف ريال مؤجلة ثم إذا حل الأجل أعطاه بدل العشرة آلاف مائة كيلو رز فصار الرز عوض عن القمح في الصورة الأولى.
فهذه الصورة:
= محرمة عند الحنابلة. لماذا؟
- لأنها تؤدي إلى بيع ربوي نسيئة بما لا يجوز أن يباع به نسيئة. لأنه لا يجوز للإنسان أن يبيع الرز بالقمح نسيئة وإن جاز التفاضل إلا أنه لا يجوز نسيئة. فصار هذا العقد حيلة على بيع ربوي بجنسه الذي لا يباع به نسيئة.
هذه وجهة نظر الحنابلة.
= والقول الثاني: الذي تبناه ونصره ابن قدامة - رحمه الله -: أن هذا العقد صحيح: بشرط أن لا يكون حيلة على الربا.
دليل ابن قدامة:
- يقول - رحمه الله -: أن تسليم الأرز - في المثال - بعد انقضاء الأجل هو في الحقيقة بيع لما في الذمة من النقد كأنه اشترى بما في ذمته من النقد هذا الأرز وليس في الحقيقة بيعاً للأرز بالقمح .. (الأذان).
نتم هذه المسألة:
إذاً هذه وجهة نظر الشيخ الفقيه ابن قدامة - رحمه الله - أن هذا العقد جائز وأن حقيقة هذا العقد هو شراء للمال الذي في الذمة لهذا الجنس الربوي الذي سلم في الأخير وهو الأرز في المثال.
= القول الثالث: أن هذه الصورة تجوز للحاجة وتحرم لغيرها.
وهذا القول اختاره شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله -.
ومثال الحاجة: أن لا يجد من في ذمته المال النقد لا يجد هذا النقد عند حلول الأجل ويجد مالاً ربوياً آخر كالأرز في المثال فهنا احتاج أن يسدد لعدم وجود النقد أن يسدد بهذا المال الربوي للدين الذي في ذمته.
فهذا مثال للحاجة التي يريد شيخ الإسلام - رحمه الله -.
الراجح: يبدو لي أن:
- أضعف الأقوال القول الثالث.
- وأصح الأقوال: اختيار ابن قدامة - رحمه الله -.
والسبب: أنه:
ـ إما أن نحكم على هذا العقد أنه عقد ربوي وأنه حيلة على الربا فيكون محرماً للحاجة ولغير الحاجة لأن الربا لا يجوز مطلقاً.