فمثلاً: إذا اشتريتُ منك مائة صاع قمح بألف ريال مؤجلة ثم اشتريتَ مني مائة صاع أرز بألف ريال مؤجلة: جاز أن نتصارف فيسقط ما في ذمتك ويسقط ما في ذمتي ولا يعتبر من هذه المسألة حتى عند الحنابلة بشرط: أن لا يكون ذلك على سبيل الاحتيال بيني وبينك، أن لا يكون حيلة لبيع القمح بالأرز مع النسيئة، فإذا لم يكن حيلة فلا بأس لأنهما عقدان منفصلان.
-
ثم قال - رحمه الله -:
- أو اشترى شيئاً نقداً بدون ما باع به نسيئة.
هذه المسألة: هي المسألة التي تسمى: العينة.
فالمؤلف - رحمه الله - يفسر العينة هنا بقوله: (اشترى شيئاً نقداً بدون ما باع به نسيئة.)، فالمؤلف - رحمه الله - بدأ بالعقد الثاني وهذا من فقهه وسيتبين معنا ما هو العقد الأول وما هو العقد الثاني.
فالعينة هي: بيع الشيء بالشيء مع النسيئة.
وفي الاصطلاح: ما ذكره المؤلف - رحمه الله -.
وصورته: أن يبيع التاجر سلعة بثمن مؤجل ثم يشتري هذه السلعة بثمن حال أقل منه مؤجلاً، هذه هي الصورة المعروفة المشهورة للعينة.
فالمؤلف - رحمه الله - يقول: (اشترى شيئاً نقداً) فبدأ بالعقد الثاني ومن المعلوم أن المسألة ستبدأ من العقد الأول وهو البيع المؤجل لكنه بدأ بالبيع الثاني لأن البيع الثاني هو محل الخلاف، أما أن يبيع الإنسان شيئاً مؤجلاً فهذا لا إشكال فيه.
= ذهب الحنابلة والجماهير من أهل العلم من السلف والخلف: إلى أن هذه الصورة التي ذكرت لك وهي: العينة: أنها محرمة وهي من العقود الربوية بل هي عند هؤلاء أقبح من الربا الصريح، لأن قاعدة شيخ الإسلام أن الحيل لا تزيد العقود إلا تحريماً، يعني: لا تزيد العقود المحرمة إلا تحريماً وإيغالاً في معصية الله.
واستدل الجمهور على هذا الحكم بأدلة كثيرة:
- منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر واشتغلتم بالزرع .. سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا).
وهذا الحديث له طرق كثيرة لا يخلو شيء منها عن ضعف لكن مجموع الطرق في مثل هذا الحديث تنقله من الضعف إلى أن يكون حسناً لذاته أو صحيحاً لغيره.
المهم أنه مما يحتج به، لا سيما وأنه يؤيد بالمقاصد العامة للشرع.