- الدليل الثاني: أن هذا البيع من الحيل، ونصوص الشرع متكاثرة في تحريم الحيلة وذم فاعلها.
- الدليل الثالث: أن أم ولد زيد بن أرقم - رضي الله عنه - باعته عبداً بثمانمائة درهم إلى العطاء - يعني: مؤجلة - ثم اشترته منه بستمائة درهم نقداً - يعني: حالة - فسألت عائشة - رضي الله عنها - عن حكم هذا العمل، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: (بئس ما اشتريتي وبئس ما شريتي، أبلغي زيداً أنه أبطل جهاده مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يتوب).
قال الحنابلة: وهذا الحكم لا يصدر من عائشة إلا توقيفاً، وليس لها أن تقول هذا من قبل الرأي، وهذا الأثر إسناده صحيح إن شاء الله وممن صححه ابن عبد الهادي.
فهذه ثلاثة أدلة تدل على أن عقد العينة محرم.
= القول الثاني: أن عقد العينة جائز. وهو مذهب الإمام الشافعي.
واستدل على هذا:
- بأن العقد الأول عقد صحيح مستوفي الشروط والأركان، والعقد الثاني: كذلك عقد صحيح مستوفي الشروط والأركان فهذه المعاملة من حيث الظاهر جائزة، وليس لنا أن نتدخل في مقاصد الناس من البيع والشراء.
وتقدم معنا التعليق على هذا الأصل للشافعي - رحمه الله - وهو: أنه ينظر لظواهر العقود ولا ينظر لحقيقة العقد وبناء على ذلك يصحح - رحمه الله - ما لا يصححه الجمهور من العقود ومنها: عقد العينة، ولذلك نجد أن بعض الشافعية يقول: نحن لا نتابع الشافعي على هذا الحكم لأنه - رضي الله عنه - نص على أنه إذا وجد دليل على خلاف قوله فهو مذهبه، والآن وجد الدليل وهو:(إذا تبايعتم بالعينة).
وعلى كل حال القول الراجح - إن شاء الله - هو مذهب الجمهور وهو أي: عقد العينة واضح الحيلة على الربا وهو من أكل أموال الناس بالباطل وهو أقبح من الربا الصريح الذي يأخذ زيادة صريحة منصوص عليها في العقد لأن هذا لا يخادع الله والمتعاملون بالعينة يخادعون الله.
إذاً: هذا هو حكم مسألة العينة وهي كثيرة الوقوع في عصرنا وقبل ذلك ومن أزمان وهي تتخذ وسيلة لأكل الربا بعقود ظاهرة الصحة وهي عقود ربوية.
- ثم قال - رحمه الله -:
- لا بالعكس.
قوله (بالعكس) أي: فإن عكس: جازت. ومقصوده بالعكس هنا: أن يشتري بأكثر أو بمثل ما باع به مؤجلاً.