- بأن (عمر بن الخطاب) - رضي الله عنه - باع غلاماً على زيد بن ثابت بثمانمائة درهم واشترط عليه البراءة من كل عيب ثم قال زيد: بعد ذلك في الغلام عيب لم تسمه واختصما فارتفعا إلى عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فنظر في المسألة ثم قضى بأن يحلف بن عمر أن ليس في العبد عيب يعلمه فأبى ابن عمر أن يحلف وارتجع الغلام ثم صح الغلام فباعه ابن عمر بألف وخمسمائة درهم - بضعف الثمن تقريباً - وإنما رفض ابن عمر - رضي الله عنه - أن يحلف لأنه لم يرد أن يجعل الأيمان داخلة في بيعه وشرائه تورعاً، ولذلك والله أعلم يسر الله أمره بأن باع العبد بضعف الثمن.
فهذا الأثر دال على أن البائع إذا برئ من كل عيب وهو لا يعلم الآن عيوب السلعة فالبراءة صحيحة وإن برئ من كل عيب وهو يعلم هذه العيوب فإن البراءة باطلة وللمشتري أن يطالب بخيار العيب بعد ذلك ولو كان مشترطاً.
وهذا القول اختيار شيخ الإسلام وابن القيم وهو قول صحيح تدل عليه الآثار وتدل عليه المقاصد العامة التي تدل على اعتبار الشروط التي لا تخالف مقتضى الشرع وهذا الشرط منها.
- ثم قال - رحمه الله:
- وإن باعه داراً على أنها عشرة أذرع فبانت أكثر ... صح
إذا باعه داراً أو أرضاً على أنها عشرة أذرع فبانت أكثر يعني: بانت خمسة عشر ذراعاً مثلاً: صح البيع.
- لأن هذا النقص نقص على المشتري، فإذا أسقطه فله الحق كما إذا أسقط خيار العيب.
ووجه أن هذه الزيادة نقص على المشتري أن هذه الزيادة ستدخل عليه بملكه شريكاً، ودخول الشريك في الملك نقص في المعنى.
إذاً زيادة الأذرع نقص على المشتري مع أنها زيادة لكن هي نقص في المعنى لأنه سيدخل عليه شريكاً في الملك، لأن هذا الزائد سيبقى في ملك البائع لأنه إنما باع له عشرة أمتار أو عشرة أذرع فقط وإذا بقيت الزيادة في ملك البائع صار شريكاً في الأرض أو في البيت للمشتري وهذا هو وجه النقص.
- ثم قال - رحمه الله:
- أو أقل: صح.
إذا بانت أقل: فأيضاً يصح. إذا بانت أقل فهو صحيح بأن تبين أن الدار تسعة أذرع وهو نقص على البائع فإذا رضي به صح كما إذا وجد عيب في الثمن.