وهذا القول الثاني: قول ضعيف جداً ولذلك استغرب كل العلماء المعاصرون للإمام مالك والذين أتوا بعد ذلك إعراض الإمام مالك - رحمه الله - عن هذا الحديث. استغربوه جداً وبعضهم لام الإمام مالك - رحمه الله - وبعضهم تكلم في هذا القول للإمام مالك بكلام شديد جداً لأن الإمام مالك أخرج هذا الحديث في الموطأ ويعرفه ومع ذلك لم يأخذ به - رحمه الله -. وإنما استغربوا على الإمام مالك - رحمه الله - ولم يستغربوا على الأحناف لأن هذا ليس بغريب على الأحناف لأنهم دائماً يتركون النصوص.
ولذلك: إذا رجعت لكلام اهل العلم تجد أنهم يشنون حملة على الإمام مالك ولا يتكلمون عن أبي حنيفة لأن هذا ليس بغريب عن أبي حنيفة لكن بالنسبة للإمام مالك رجل معروف بالأخذ بالآثار والعمل بها ولذلك يستغرب عليه جداً أنه لم يأخذ بحديث ابن عمر في مسألة خيار المجلس.
وهذا يعطي الإنسان صورة واضحة وجلية وأنه لا أحد معصوم وأنه ينبغي للإنسان أن يتبع النص ولا يتبع الرجال.
- ثم قال - رحمه الله -:
- والصلح بمعناه.
أي: ويثبت خيار المجلس في الصلح الذي هو بمعنى البيع.
- لأن الصلح كما سيأتينا ينقسم إلى قسمين:
ـ صلح بمعنى البيع.
ـ وصلح ليس بمعنى البيع.
ولا يعنينا الآن هذا التقسيم. لأنه سيأتي في باب الصلح.
الذي يعنينا هنا: ما هو الصلح الذي بمعنى البيع؟ فالصلح الذي بمعنى البيع هو: الصلح على مال.
مثاله/ أن يقر الإنسان بأن في ذمته دين لفلان أو أن هذه السلعة التي في يده هي لفلان ثم يصالحه عن الدين أو عن السلعة بمال.
فهذا الصلح بمعنى البيع ويثبت فيه خيار المجلس. لماذا؟ لأنه بمعنى البيع. وإذا ثبت الخيار في البيع فيثبت أيضاً فيما يكون بمعناه.
- ثم قال - رحمه الله -:
- والإجارة.
يعني: ويثبت خيار المجلس في الإجارة.
- لأن الإجارة في الواقع ليست في معنى البيع بل هي بيع لكنها بيع للمنافع وليست بيعاً للأعيان.
وليس هناك فرق بين الإجارة والبيع في حقيقة العقد إلا من حيث أن هذا بيع للمنافع وهذا بيع للأعيان.
وإذا كانت بيعاً دخلت في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا تبايع الرجلان فهما بالخيار).