الضابط: ان نقول: (كل عقد ليس من عقود المعاوضات أو منها لكنه من العقود الجائزة فلا خيار مجلس فيه).
هذا ضابط يريح الإنسان من تعداد العقود: كل عقد تعرضه على هذا الضابط فيتبين هل هو من عقود خيار المجلس أو ليس من عقود خيار المجلس.
- قال - رحمه الله -:
- ولكل من المتبايعين الخيار.
هذا هو ثمرة إثبات خيار المجلس: أن العقد يقع جائزاً في مدة خيار المجلس وإن كان أصله اللزوم. فالبيع الأصل فيه أنه من العقود اللازمة التي ليس لأحد من الطرفين الفسخ فيها إلا بسبب شرعي.
فثمرة خيار المجلس: وقوع العقد اللازم جائزاً مدة خيار المجلس.
فالمؤلف - رحمه الله - يريد أن يصرح بثمرة إثبات هذا العقد بقوه: (ولكل من المتبايعين الخيار).
- ثم قال - رحمه الله -:
- ما لم يتفرقا عرفاً. بأبدانهما.
المفصود بالتفرق: = عند الجماهير: التفرق بالأبدان.
والمقصود بالتفرق عند: = المالكية والأحناف: التفرق بالأقوال. ومعنى التفرق بالأقوال: أنه متى تم الإيجاب والقبول: فقد حصل التفرق قولاً ولزم البيع وحملوا حديث ابن عمر - رضي الله عنه - على هذا المعنى يعني: (ما لم يتفرقا) بأقوالهما لا بأبدانهما.
الذي يعنينا الآن أن الجماهير يقصدون بالتفرق التفرق بالأبدان.
ثم يحملون هذا التفرق على العرف.
واستدلوا على هذا:
- بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما لم يتفرقا) وهذا اللفظ موجود في حديث ابن عمر وفي حديث حكيم وفي الصحيحين كلاهما. والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقت خيار المجلس بالتفرق ولم يجعل لهذا التف رق بالأبدان حداً معلوماً وكل ما اتى في الشرع ولم يحدد بحد جاء عن الشارع فمرجعه إلى العرف. فالتفرق المذكور في هذا الحديث نرجع في معناه إلى العرف لأنه لم يرد في الشرع ما يبين حده.
ولذلك نقول: إذا تبايع الرجلان في الصحراء وهما يمشيان فالتفرق بأن ياخذ هذا من هنا وهذا من هنا كما قال الإمام أحمد - رحمه الله -. لأن هذا التفرق هو التفرق المعروف في اعراف الناس في الصحراء. لأنه لا يمكن أن يتفرقا بحيث لا يرى بعضهما الآخر لانهم الآن في الصحراء. فإذا أخذ أحجهما من هنا وأخذ أحدهما من هنا فقد تفرقا ولزم البيع.