ولذلك: نحتاج حميعاً أن نأخذ هذا الفصل بهدوء وأن نحاول أن نفهم هذا الباب وستلاحظ أنه ينبني على هذا الباب عشرات المسائل لا سيما في وقتنا هذا المعاصر.
والمؤلف - رحمه الله - في الحقيقة رتب ترتيباً منطقياً يسهل على الإنسان أن يتدرج في مسائل القبض ثم الضمان ثم التصرف بعد ذلك.
- يقول - رحمه الله -:
- ومن اشترى مكيلاً ونحوه.
من اشترى مكيلاً ونحوه: المقصود بنحو المكيل: المذروع والموزون والمعدود.
أو نقول بعبارة أوسع وهي قاعدة: المقصود: (بنحوه) كل ما يحتاج إلى توفيه. فكل مبيع يحتاج إلى توفيه فهو داخل عند الحنابلة ونحن ما زلنا نقرر ونشرح مذهب الحنابلة ثم ننتقل إلى غيره.
المهم إذاً: كل ما يحتاج إلى توفيه وأشهر وأبرز الأمثلة: الموزون. والمكيل. والمذروع. والمعدود. هذه الأمور تحتاج إلى توفيه وهي داخلة في الأحكام التي سيذكرها المؤلف - رحمه الله -.
-
قال - رحمه الله -:
- ومن اشترى مكيلاً ونحوه: صح ولزم بالعقد.
يعني: ان إجراء العقد المستوفي للشروط الخالي عن الخيارات ينتج عنه لزوم العقد.
فهذه العقود لازمه من حيث تقع.
أما مسألة الضمان ومتى يجوز للمشتري أن يتصرف فهي مسائل أخرى.
أما العقد فهو لازم ولا يستطيع المشتري أن ينفك عنه ولا البائع أن ينفك عنه إلا برضا الطرفين.
- ثم قال - رحمه الله: (وهو بيت القصيد)
- ولم يصح تصرفه فيه حتى يقبضه.
أفادنا المؤلف - رحمه الله - أن المبيعات إذا كانت مما يحتاج إلى توفيه كالمكيل والموزون ونحوه فإنه لا يجوز للإنسان أن يتصرف فيها إلا بعد القبض.
ومفهوم كلام المؤلف - رحمه الله - أنه سواء كانت هذه الموزونات والمكيلات من المطعومات أو من غير المطعومات.
وهذا مذهب الحنابلة. أنه لا يشترط في هذه الموزونات والمكيلات أن تكون مطعومة ولا أن تكون غير مطعومة بل الأمر عام.
إذاً: الموزونات والمكيلات والمعدودات والمذروعات لا يجوز للإنسان إذا اشتراها أن يبيعها إلا بعد القبض.
ويستثنى من هذا عند الحنابلة صورة واحدة وهي: بيع الجزاف. إذا باعه جزافاً بدون تقدير فإنه يجوز له ان يبيعه قبل أن يقبضه.