وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام - رحمه الله - وانتصر له وذكر لهذا أمثلة فقال: نجد أن الشارع جعل المبيع إذا كان ثمراً على رؤوس الشجر فالضمان على البائع. لماذا؟ لأن المشتري لا يتمكن من أخذ المبيع جملة واحدة لا حتياجه أن يأخذ منه على دفعات ليتفكه به وليتمكن من تصريفه في السوق ولعلل أخرى. ولأنه لم ينضج .... إلى آخره.
إذاً: لما وجدنا الشارع جعل الضمان في الثمر إذا بيع على رؤس النخل على البائع بحثنا عن السبب فوجدنا أنه لعدم تمكن المشتري من قبض هذا المبيع.
أيضاً الشارع جعل الضمان على البائع في المكيل لأن المشتري لا يتمكن من قبضه إلا بكيله ووزنه وعده. وكيله ووزنه وعده هو القبض كما سيأتينا فما دام لم يكل ولم يوزن ولم يعد لا يستطيع المشتري ولا يتمكن من قبضه فالضمان ليس عليه.
فمثلاً: إذا اشترى الغنسان عشرين كتاباً متشابهاً متى يتمكن من قبض هذه الكتب؟ إذا عدها البائع وسلمها إياه. قبل ذلك هي من ضمان البائع لأنه لن يتمكن من القبض إلا بالعد. إذا اعتبرنا الكتب معدودة وهي تباع عند بعض الناس بالوزن وإنما يبيعها بالوزن من لا يعرف قيمة الكتب وإنما ينظر إلى الورق والورق يباع بالوزن لكن الكتاب ليس ورقة وإنما معنى ولذلك سيأتيكم إن قدر حقوق التأليف وحكم بيع وشراء حقوق التأليف وهي ترجع إلى مضمون الكتاب.
المهم الآن اختلف الفقهاء كما ذكرت لكم الآن في ضابط الضمان: فعند الحنابلة الضابط ملازم للقبض فما لم يقبض لا يضمن وما قبض ضمن. وعند شيخ الإسلام ضابط الضمان هو التمكن من القبض.
ولعلك إذا تأملت إذا رجعت إلى المنزل وتأملت ستجد أن الفرق بين القولين يسير وأنه لا يتصور إلا في صور قليلة جداً وإلا بين القولين تقارب كبير جداً. لأن المشتري إذا تمكن من القبض يقبض وإذا تمكن من القبض وبذله البائع ولم يقبض هو فالضمان عليه فالتمكن من القبض قريب من القبض.
لكن على كل حال هذه قاعدة شيخ الإسلام وهذه قاعدة المذهب.
- ثم قال - رحمه الله:
- وإن تلف بآفة سماوية: بطل البيع.
يعني: المبيع. بطل البيع.
إذا تلف المبيع بآفة سماوية فإن البيع يبطل.
ومقصود المؤلف - رحمه الله - بقوله:(بطل) أي: انفسخ.