- وأما أنها بيع بالنسبة للأجنبي فلأن حقيقة الإقالة مبادلة مال بمال فنعتبرها كذلك بالنسبة للأجنبي لئلا تضيع حق الأجنبي في هذه المبادلة كما في الشفعة، فإذا اعتبرها الإقالة بيع بالنسبة للأجنبي تمكن من استخدام حقه في الشفعة، وإذا اعتبرناها فسخاً بالنسبة للأجنبي لم يتمكن من الشفعة لأن الشفعة تتعلق بالبيع ولا تتعلق بالفسخ.
ولا يخفى إن شاء الله أن هذا قول بعيد جداً من الصواب إذ لا يمكن أن نحكم على عقد واحد بأنه في حق المتعاقدين فسخ وفي حق الأجنبي بيع فهذا لا يمكن أن يقع في الشرع لأن العقد الواحد له حقيقة واحدة. فبالغ الأحناف باستخدام العقل في مثل هذه المسألة حتى خرجوا عن المعقول، إذ لا يعقل أن نحكم على عقد واحد بتخريجين فقيهيين.
الراجح والله أعلم مذهب الحنابلة وهو أنها فسخ لأن هذا هو حقيقة العقد، لأن مقصود كل من البائع والمشتري في الإقالة رفع العقد لا إنشاء عقد جديد.
* * مسألة/ وإذا قلنا إن الإقالة فسخ فهل هي فسخ للعقد من أصله أو فسخ للعقد من حينه؟
اختلف الحنابلة في هذا اختلافاً كثيراً والأقرب والله أعلم الذي مال إليه أيضاً شيخ الإسلام أن الإقالة فسخ للعقد من حينه لا من أصله، يعني: فسخ للعقد من حين اتفق والطرفان على الفسخ، بينما على القول الآخر إذا فسخا العقد تبين أنه مفسوخ من أصل العقد، وتقدم معنا الفرق بين المسألتين مراراً،، فإذا باع زيد على عمرو سيارة وطلب المشتري الفسخ بعد يوم من إجراء العقد، فعلى القول بأنها فسخ.
للعقد من أصله يكون العقد انفسخ من متى؟: من اليوم الأول يعني من الأمس، وعلى القول بأن الإقالة فسخ من حينه يكون العقد انتهى من يوم الفسخ، وإذا جرى العقد الآن وطلب الفسخ الآن – جرى العقد في الساعة الخامسة وجرت الإقالة في الساعة الخامسة واتفق الطرفان، فهل هناك فرق بين القولين؟
لا. لا يوجد فرق، لأن وقت الإقالة وأصل العقد صار واحداً.