بقي علينا أخيراً: مثال يوضح الفرق بين القول الثاني والقول الثالث. أما القول الأول فهو يمنع مطلقاً فلا نحتاج إلى أمثلة للتوضيح. لكن نحتاج التوضيح للفرق بين الثاني والثالث:
فإذا باع الإنسان سيفاً فيه - في مقبضه أو في حليته - ذهب مقداره دينار: بدينار:
= فعلى القول الثاني: جائز. لأن مقصوده السيف لا الذهب. وهو يقول: إذا كان غير مقصود الذي معه فيجوز.
= وعلى القول الثالث: لا يجوز لأنهم يشترطون أن يكون المفرد أكثر.
/ إذا اشترى سيفاً فيه ذهب زنته دينار بدينارين. فما الحكم؟
يجوز على جميع الأقوال إلا القول الأول.
إذاً: هكذا نطبق القضية.
أخيراً: أشير إلى شرط ضروري وقد لا يتنبه إليه كثير من طلبة العلم وهو: أن أصحاب القول الثالث يشترطون مع ذلك أن ينقسم الثمن على أجزاء المبيع بالتساوي.
مثال ذلك/ إذا اشتريت مد عجوة ودرهم بدرهمين فالعملية جائزة بشرط أن يكون قيمة المد عجوة قيمته في السوق: درهم. لينقسم الثمن على المثمن فيكون درهم مقابل درهم ودرهم مقابل مد عجوة. لكن إذا اشترى مد عجوة ودرهم بعشرة دراهم. الآن: أليس المفرد أكثر؟ بلى. هو أكثر. لكن مع ذلك: لا تجوز هذه الصورة حتى على القول الثاني: لأن الثمن لا ينقسم. فبالتالي سيكون مقابل الدرهم أكثر من درهم ومقابل مد عجوة قيمته.
إذاً هذا الشرط لابد من اعتباره وتحقيقه لتجوز المعاملة.
الراجح والله أعلم: وهو رجحان ليس بقوي ولا ببين ولا ظاهر لكنه أرجح من الأقوال الأخرى وهو القول الثالث. والسبب في أن هذا القول رجحانه ليس قوياً السبب في ذلك: أن حديث فضالة عام لم يفصل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل له كم كان في القلادة وكم كان معك ولم يأت في الحديث إشارة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما منع لأجل أن الدراهم أو الدنانير التي في القلادة كانت أكثر من الدنانير التي دفعها فضالة وإنما منع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يفصل فيشتري الخرز بالدنانير ويشتري الدنانير بدنانير مساوية لها. لذلك أقول أن هذا القول راجح وجيد لكن رجحانه ليس برجحان قوي.
ثم انتقل - رحمه الله - إلى مسائل تشبه مسألة بيع مد عجوة ودرهم. ولكن تختلف أحيانا عنه في الحكم.