فإن قيل: كيف يصح اشتراط اللقطة وهي مجهولة إذا لا يعرف كمية هذه اللقطة ولا العدد ولا الجودة ولا النوعية ولا يعرف عنها شيء؟ فكيف نجوز استثناء شيئاً مجهولاً؟
فالجواب: أن استثناء المجهول إذا كان تبعاً لأصله المعلوم وليس هو المقصود بالذات فهو جائز.
فهذه الأشياء دخلت تبعاً للأرض فالجهالة فيها مغتفرة.
فصل
[في بيع الثمار وما يتعلق به]
- قال - رحمه الله -:
- فصل.
ذكرت لكم أن المؤلف - رحمه الله - عقد هذا الباب لبيان أحكام بيع الدور والأراضي وهذا انتهينا منه في الفصل السابق.
ولبيان أحكام الثمار وهذا عقد له هذا الفصل اللاحق.
- يقول - رحمه الله -:
- ومن باع نخلاً تشقق طلعه: فلبائع مبقى إلى الجذاذ إلاّ أن يشترطه مشترٍ.
إذا باع الإنسان النخل فاختلف الفقهاء في حكم الثمرة التي فيه واختلفوا إلى أربعة أقوال:
= القول الأول: وهو المذهب. وهو: إن كان البيع تم والطلع تشقق فالثمرة للبائع وإلا فهو للمشتري.
والطلع: هو الوعاء الذي يكون في التمر قبل أن ينضج وأن يظهر.
فإذا تشقق وخرجت الثمرة الصغيرة منه فهو ملك للبائع.
قال الحنابلة: سواء تشقق بنفسه أو بصنع الآدمي: (أو شقه الآدمي) ليلقحه.
وسواء تم العقد قبل التلقيح أو بعد التلقيح.
فمناط ملك البائع لها عند الحنابلة هو: تشقق الطلع.
واستدل الحنابلة على هذا:
- بأن الحكم بكون الثمرة للبائع أو للمشتؤي مرتبط بظهور الثمرة. وظهور الثمرة إنما يكون بعد تشقق الطلع.
فجعلنا المناط هو تشقق الطلع.
= القول الثاني: أن البيع إذا تم والثمرة مؤبرة يعني ملقحه فهو للبائع وإلا فهو للمشتري.
واستدلوا على هذا:
- بالحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم ولاشك في صحته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من باع نخلاً بعد أن يؤبر فثمرته للبائع إلا أن يشترطه المبتاع). فهذا الحديث نص في تعليق الحكم بالتأبير لا بالتشقق.
فقالوا: أن الحكم يناط بالتأبير متابعة للحديث.
وأجاب الحنابلة: بأن المقصود بالحديث أي بالتأبير في الحديث: يعني: معرفة طلوع الثمرة. لا حقيقة التأبير. وطلوع الثمرة يتبين بتشقق الطلع.
وأجاب أصحاب القول الثاني: بأن هذا التأويل صرف للحديث عن ظاهره بلا دليل يؤيد هذا الصرف.