والتعليل: أن القاعدة التي أخذناها آنفاً أنه: ((يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً)) وإذا أردنا أن نطبق هذه القاعدة فإن هذه الثمرة التي لم يبدو صلاحها إنما يكون يجوز أن تباع تبعاً لما بدا صلاحها لا استقلالاً فهذه القاعدة دلت على رجحان مذهب الحنابلة وتقدم معنا أن هذه القاعدة صحيحة ومقررة عند الفقهاء وبناء عليه نقول ما ذهب إليه الحنابلة هو إن شاء الله الصواب.
وقبل أن نتجاوز مسألة صلاح بعض الشجر صلاح له وسائر النوع الذي في البستان. نحن قلنا الآن أنه صلاح لها ولسائر النوع لا لسائر الجنس. لكنا لم نذكر الخلاف في هذه المسألة:
الآن عرفنا أن الحنابلة يرون أن يرون أنه صلاح لها ولسائر النوع لا لسائر الجنس.
علل الحنابلة ذلك:
- بأن صلاح ما بين الجنسين متباعد بخلاف صلاح النوع الواحد.
= والقول الثاني: أن صلاح النوع صلاح لكل الجنس فإذا صلحت نخلة واحدة في البستان فهو صلاح لها ولكل النخل مهما اختلفت أنواعه. وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله -. وهو قول عند الحنابلة.
واستدل أصحاب هذا القول:
- بأنه في باب الزكاة نضم الأنواع المختلفة والأجناس المختلفة من التمر بعضها إلى بعض في تكميل النصاب فكذلك هنا نضم بعضها إلى بعض في جواز البيع. قياساً على ضمها في النصاب.
- والدليل الثاني لهم: أن اعتبار بدو الصلاح في كل جنس فيه مشقة لأن صاحب البستان يريد أن يبيع ثمرة البستان بأكملها.
والراجح والله أعلم مذهب الجمهور ولا أرى أن اختيار شيخ الإسلام في هذه المسألة قوي.
والسبب في ذلك: أن صلاح ما بين الجنسين متباعد ففي بعض النخيل يتباعد ذلك إلى أن يقرب من ثلاثة أسابيع أو نحو هذه المدة فإلحاق بعضها إلى بعض ليس بصحيح.
ثم قياس الزكاة على صلاح الثمر قياس مع الفارق لأن مقصود الزكاة تحقيق الغنى وهو يتحقق في أي جنس بينما هنا المقصود التحقق من بدو الصلاح وقرب بعضها من بعض وهذا لا يتحقق بالأجناس.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.